(2) روسيا ومناهضة الحرب الباردة

لقد انشطرت الفدرالية الروسية عن الاتحاد السوفييتي طوعاً عام 1991 بعد صدور الاعلان رقم H-142 عن مجلس السوفييت الأعلى. وكل الاصابع تشير إلى الدور العلني للرئيس ميخائيل غورباتشوف في الهدم السوفييتي، بينما لم يتم الكشف حتى الساعة عن الحراك السري الذي استبق قرار التفكك. ويعتقد بأن غلاسنوست (الشفافية)، وليبرالية غورباتشوف هدفت إلى وقف الحرب الباردة من جانب واحد مع الغرب الامريكي، وهو الذي لم يقنع امريكا تحديداً، واستمرت في مماحكة روسيا، ومحاصرتها، والاقتراب من حدودها عبر حلف (الناتو) المشّكل منذ عام 1949 ويشمل 29 بلداً كبيراً، منها ثلاثة من دول مجلس الأمن مثل (امريكا، وفرنسا، وبريطانيا)، في زمن تخلت روسيا فيه عن حلفها السابق مع السوفييت والدول الاشتراكية المسمى بـ (وارسو 1955)، وفارضة العقوبات عليها كلما دق كوز جرة الازمات السياسية بينهما، مثل قضية الجاسوس الروسي/ البريطاني سيرجي سكريبال عام 2018، وحول اتهام روسيا غير المبرر في التدخل في الشأن الأوكراني تحت مظلة حماية (الدونباس)، وشرق اوكرانيا الناطق بالروسية، والقريب من الحدود الروسية.

وذهاب امريكا إلى الخروج من معاهدة الدفاع الصاروخية، ومزاحمة روسيا في سوق السلاح العالمي، خاصة في مياديين C400 و C300 . وتسليط الضوء الامريكي على حليفتها عبر (الناتو) تركيا، ومشاكستها لاقترابها في الموضوع العسكري من روسيا. وروسيا بالمناسبة كدولة نووية عملاقة توازي امريكا في ذات الشأن العسكري إن لم تتفوق عليها سراً.

وهي، أي روسيا لم تتأثر من انفصالها عن السوفييت عسكرياً، ولا حتى اقتصادياً، وبقيت تحتفظ بمساحة من الأرض تزيد عن 17 مليون كمً، وبعدد من السكان بلغ اكثر من 142 مليون نسمة، ويصعب على امريكا تطويق مساحتها بالبارجات العسكرية النووية، وروسيا تمتلك بارجات نووية لا مثيل لها في العالم، والبارجة (الادميرال ناخيموف) حسب مجلة Military Watch الامريكية تعتبر الاخطر في العالم، واسطول البحر الأسود النووي شاهد عملاق آخر.

وتصريحات جديدة للرئيس فلاديميير بوتين تؤكد على ان الاتحاد الأوروبي سيلاقي نفس مصير الاتحاد السوفييتي عام 2008، وجاء تصريحه هذا على هامش الجلسة العامة لمنتدى استثمار رأس المال في موسكو بتاريخ 20/11/2019. وقول لبوتين بأن بلاده لا تنوي مهاجمة اية دولة في العالم، وما يشاع هو احاديث عارية عن الصحة.

وروسيا تحديداً الحريصة على التفوق العسكري التقليدي وغير التقليدي النوعي تمتلك ميزانية دفاع علنية متواضعة بالمقارنة مع امريكا، ودول الناتو، ولا احلاف لها، وتعتمد فقط على جيشها الأحمر وبحريتها. (ميزانية روسيا الدفاعية بلغت نهاية عام 2018 (116.6) مليار دولار. وتبلغ ميزانية الدفاع الامريكية حتى عام 2018 (717) مليار دولار، ومن أكبر دول الناتو انفاقاً على السلاح بريطانيا (61) مليار دولار، ومن ثم فرنسا (52) مليار دولار، والمانيا (51) مليار دولار.

وتحرص روسيا على عدم الانصياع لسباق التسلح، مع الاحتفاظ بحق المراقبة، والتطوير المستمر والنوعي العسكري.