التطاول الأميركي على المنظومة الدوليةد. هايل ودعان الدعجة
24-11-2019 10:14 AM
ما كان العالم ليتوقع ان تصل الامور ببعض الادارات الاميركية الى هذا المستوى من التحدي ، لدرجة الانقلاب على الثوابت والمرجعيات والقرارات الدولية ، بطريقة قد تقوده الى الفوضى والانفلات على وقع قرارات الرئيس الاميركي دونالد ترامب الصادمة للاسرة الدولية ، لما انطوت عليه من تطاول واستقواء على القواعد والمبادئ التي تقوم عليها المنظومة الدولية والعمل على تفكيكها وعدم احترامها ، وذلك رغم الدور الكبير الذي اضطلعت به هذه الادارات الاميركية في وضع هذه القواعد والمبادئ لحفظ الامن والسلم الدوليين وادامتهما ، تحت مظلة الامم المتحدة بوصفها احد مخرجات النظام الدولي الذي سيطرت عليه الولايات المتحدة لفترات طويلة بصورة قادتها خلال السنوات الاخيرة الى التربع على قمته ، تتويجا لامكاناتها وادواتها الفاعلة والمؤثرة في الساحة العالمية ، حد وصفه بالاحادي القطبية . وبدا ان دول العالم قد انصاعت وقبلت بهذا الواقع واعترفت به ، وان كان ذلك مشروطا بعدم اساءة هذه الاحادية من قبل الولايات المتحدة ، التي على ما يبدو انها لم تراعي او تحترم هذا الشرط العالمي ، عندما اخذت ادارة الرئيس ترامب تنقلب عليه على وقع قراراتها الاحادية التي اخذت تزعزع اركان المنظومة الدولية وقواعدها وتهددها بالانهيار ، حيث انسحبت من بعض الاتفاقيات ( مثل اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الشراكة عبر الهادي واتفاقية التبادل الحر وغيرها ) والمنظمات الدولية (مثل مجلس حقوق الانسان واليونسكو وغيرهما ) ، ووافتعلت الازمات والصراعات مع اطراف دولية اخرى ، كما هو الحال في حربها التجارية مع الصين وبعض الاقطار الاوروبية والاسيوية ، ووصل بها الحد ان تضرب بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط ، وهي تنحاز للكيان الاسرائيلي بشكل فاضح ومكشوف على حساب الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره واقامة دولته وفقا لهذه القرارات والمرجعيات الدولية ، لاعتبارات مصلحية ضيقة مرتبطة بتطلع ترامب للفوز بدورة رئاسية ثانية من خلال دعمه للتيار اليميني الاسرائيلي المتطرف الذي يقوده رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو ، حيث قررت ادارة الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده اليها ، والاعتراف بضم اسرائيل للجولان ، واعتبارها قبل ايام بناء المستوطنات الاسرائيلية غير مخالف للقانون الدولي . الامر الذي جعل اطرافا دولية تشعر بالقلق وبالخطر المحدق بالمنظومة الدولية جراء هذه التصرفات الاميركية غير المتزنة وغير المسبوقة وغير المسؤولة ، لتأتي الترجمة الفورية عليها من قبل المجتمع الدولي بالادانة والاستنكار والتصويت ضدها لمخالفتها وانتهاكها وخرقها للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة ، بشكل جعل الولايات المتحدة وحيدة وفي عزلة وهي تشعر بالعجز عن التأثير في الكثير من دول العالم ، بما في ذلك الدول الحليفة لها ، وحتى تلك التي تنتمي الى العالم الثالث وتتلقى منها المساعدات ، ومحاولة كسب تأييدها الى جانبها في هذه الخطوات والمواقف الاستفزازية ، التي تجسد انقلابا على المرجعيات العالمية وتحديا للاسرة الدولية ، لتضع الولايات المتحدة نفسها في موقف حرج .. لا تحسد عليه ولا يليق بها كدولة عظمى لها مكانتها وهيبتها ، وهي تدخل في مواجهة خاسرة مع المجتمع الدولي تردد صداها قبل يومين في مجلس الامن ، الذي انتفض دفاعا وانتصارا لقرارات المنظمات والهيئات الدولية التي انصفت الجانب الفلسطيني في صراعه مع الكيان الاسرائيلي ، وقد أكدت على عدم شرعية النشاط الاستيطاني ومخالفته وانتهاكه للقانون الدولي ، لتظهر الولايات المتحدة كدولة متمردة وخارجة على الشرعية الدولية وتسعى الى تكريس قانون الغاب بدعمها ووقوفها الى جانب الكيان الاسرائيلي المعتدي والمنبوذ والمتمرد الذي لا يحترم المواثيق والعهود الدولية . |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة