بصراحة .. معضلة الأردن في كثير من رجاله
شحاده أبو بقر
23-11-2019 08:56 PM
بداية، رأس الدولة لا يتحمل أية مسؤولية عما آل إليه حال البلاد والعباد من ضنك وفقر وبطالة وسوى ذلك من أزمات، وهو (الملك) خال أصلا وبمقتضى الدستور، من أية مسؤولية أو تبعة.
من يتحمل المسؤولية هم كثير من رجالات الدولة سواء أكانوا داخل السلطة أم خارجها، فهم من أجازوا التخاصية رسميا ولم يرغمهم عليها أحد، واليوم يلقون باللائمة على من نفذوها! ، وهم من أسسوا عشرات الهيئات ورسميا أيضا، واليوم يشكون وجودها ويطالبون بشطبها!، وهم من وضعوا وأقروا أكثر من مائتي قانون مؤقت!، وهم من "زينوا" كل ما جرى أقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا وعلى كل صعيد، وبمجرد خروج أحدهم من عربة السلطة، يشرع في النقد والانتقاد لكل شيء، فالعربة بدونه غير صالحة للسير!، وإن صدف وعاد لركوبها، إزدهرت الدنيا فجأة، وإنقلب من معارض ناقد، إلى موال مادح!.
أما من من لم ينالوا نصيبا من السلطة ، فهم في الأعم الأغلب شكاؤون سرا، مداحون علنا، وتلك معادلة يرون في ركوب موجتها وسيلة لأمتطاء صهوة السلطة إن شاءت الأقدار، وإن (زبطت) معهم، جهدوا في توزيع المغانم والمنافع والمناصب، على الأقرباء والأنسباء والمحاسيب، كما لو كانت البلد في شريعتهم، مزرعة الوالد، يتصرفون فيها كما يحلو لهم.
بمقدوري الحديث في هذا الأمر حتى الغد، فلقد عشت وشهدت حالات وممارسات مما سبق يشيب لها الولدان، بين من يهجو اليوم وبحرارة، ولا يتردد في أن يمدح غد وليس بعد غد، (الله أكبر)، وبحرارة أيضا، بمجرد أن يصيب منها مغنما!، وبين من يجهد في حديث العدالة والشفافية والمساواة وما شابه من مفردات على كثرتها متى كان خارج قارب السلطة، وإن إلتحق بها، فعل النقيض تماما، وتنكر لكل تلك المفردات القيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا هو واقعنا المر المرير، ومن عنده حديث آخر، فليتحفنا به ونحن له شاكرون، فلقد أعمى النفاق الأعمى أشخص الأبصار، وبات الكثيرون منا بوجهين، لا بل بقناعين، الأول بعيدا عن أعين السلطة، والثاني بين يديها، حتى لقد صارت السلطة حيرى، تصدق من، وتكذب من، لكن واقع الحال يصدق فيه قول الشاعر: الناس في السر.. غير الناس في العلن.
ليس سرا ولا هو بالفتح الجديد، أن نقول ونؤكد على أن الأردن وأغلبيته الصامتة، يستحقون أفضل من ذلك بكثير، فلو تيقن الناس من حقيقة أن للكلمة شرف وجب أن يحترم ويصان، وأن حب الأوطان لا الذات، عبادة، وأن الاوطان ملك مشاع لسائر ساكنيها، وأن الدنيا غرور وإلى نهاية محتومة تقوم فيها قيامة كل منا لحظة رحيله عنها، ولو وجد رأس الدولة، رجالا صالحين ناصحين يشيلون الحمل بنهج وطني عنوانه أخلاق الفرسان الذين قلوبهم على العامة، لا على أنفسهم ومحاسيبهم، إذا لأستقامت الحياة وشرعنا السير في طريقنا نحو الأفضل ولو بعد حين.
يطول الكلام الذي يدركه الجميع، ولا حاجة بي للإطالة أكثر، فقط وقبل أن أغادر، ولكي لا أظلم وليس مداهنة لأحد أيا كان، فأنا اعرف رجالا داخل السلطة وخارجها، قلوبهم على البلد والشعب والعرش ومليكه، وليتهم كانوا كثر، وأعرف في المقابل من هم ليسوا كذلك، وليتهم كانوا قلة، وآمل أن لا يسارعوا للإنتقام مني إذ لا تعوزهم التهمة متى أرادوا، فللبيت رب عظيم يحميه، ولا حول ولا قوة إلا به جل في علاه. وهو سبحانه من وراء قصدي.