كأنه يمشي على الجمر وسهم مسعور في جنانه: هو الإنسان يتأوه من جفاة البطالة، ويترنح في أتون من آلامها. محبط يحيطه القنط من كل صوب وحدب فيعزل عنه الورق، ويجعله في صراع مع عقارب الزمن.
البطالة! هذا السقم النفسي الذي يحطم آمال الإنسان وينزل به ثالثة الأثافي! ويعذب هذا الإنسان المسكين، وأي ذنب إرتكبه بحق الدنيا؟
أأخت الفقر! كيف وصلت إلى نفس الإنسان؟ من أي كوكب جئت؟ وكيف هبطت من السماء؟ أأخت الفقر! أهجري هذا الهيكل المتصدع المتحطم. يكفيه ما هزه من زلازل، وما فجره من براكين، وما عصفت به من زوابع وعواصف، يكفيه يم العذاب الخضم ولجة الآلام يعصفان به من كل ناحية، يكفيه مرارة الزمن ولسعة عقاربه.
أأخت الجوع! في غمدي مهند باتر يكفيك صليله كرعد السماء يهيب المهج، في غمدي أبتر مثقف إياك ومقارعته فإن ثالث الحالين سيأتيك شئت أم أبيت! وفي لبي فكر؛ بريشة العلم والمعرفة أرسم الخطط لتقضي عليك ساعة الديجور قبيل إطلالة الفجر!
أنا الإنسان الذي وصلت إلى القمر ومن بعده سأصل إلى المريخ، أنا من إخترع القنبلة النووية، أنا الذي إكتشف الدواء للداء، أنا من جعلت أديم الأرض قرية كونية، لمَ أعجز من مواجهتك ك"العليل في فراشه ممتنع القيام شديد السكر من غير المدام"؟ ونحن، لم نعجز من مواجهة هذا الوباء النفسي، هذا الموت البطيء؟
كلا لن نعجز من مواجهتك، نحن البشرية بتكافلنا الإجتماعي، وبالمنهجية الفكرية العقلانية، مسلحين بعلم الإقتصاد، وعلى هدي الشريعة والإنجيل والتذكرة سنريك ثالث الحالين لما يدق الرقاص دقة الزمان، ستدركين أن المنية أدركتك، بأيدينا ستوضعين في التابوت وسوف نرمي التابوت في الأجداث: أنا الإنسان ونحن البشر.