وصفي التل واخطر ازمة عام 1963
03-12-2009 03:54 AM
جانب مغفل من المؤرخين احداث كانون الثاني 1963 في القدس:
عندما شكل وصفي التل حكومته مطلع عام 1962 بدت جوانب جديدة في الحكم من ناحية شكلية، فالوزراء مع وصفي جدد هو جديد ايضا كان في الثانية والاربعين فقط ودون خبرة وزارية فهو لم يتسلم اي حقيبة وزارية.
عربيا لم يكن همه مع اي دولة عربية سورية او العراق او السعودية. كان يخشى جانب دولة تنفق (40) مليون على الاعلام واعني مصر كما كتبت الوثائق وفي تشكيل الوزارة ركز في اختيار الوزارة على الضفة الغربية وتحديدا القدس ورام الله كان معه (11) وزيرا ومن رام الله قاسم الريماوي وحنا خلف ومن القدس حازم نسيبة ومن الضفة بشكل عام داود ابو غزالة وكامل الدجاني وصبحي امين عمرو. تلاحظ اكثر من النصف من الضفة الغربية، اما باقي الوزراء فهم: ابراهيم قطان وعز الدين المفتي ومحمد اسماعيل وخليل السالم وعبد الوهاب المجالي ومن وزرائه استقال اربعة للاشتراك في الانتخابات بعد ان تم حل مجلس النواب واصبح في وزارة وصفي خمسة نواب فهم ثلاثة نواب من الضفة الغربية وهم اثنان من رام الله (الريماوي وخلف) وهناك عبد القادر صالح (نابلس).
الوثائق البريطانية والخارطة النيابية:
ركزت الوثائق على وضع حكومة التل. في البداية اشارت ان (26) نائبا سيحجبون الثقة عن وصفي منهم عاكف الفايز ولكن اشارت الوثائق ان الملك قد يكون تدخل لصالح رئيس الوزراء بالنسبة لعاكف الفايز.
عمليا واجه التل هذا الموقف:
الحاجبون 18 نائبا
منهم 5 من القدس
4 من نابلس
2 من طولكرم
1 من الخليل
1 من رام الله
المجموع 13 من الضفة الغربية
هناك 5 من الضفة الشرقية
المجموع 18
وتلاحظ ان اعلى رقم في حجب الثقة كان من القدس وان ثلاثة عشر من الحاجين هم من الضفة الغربية وهناك خمسة من الضفة الشرقية فقط.
المشكلة التي اقضت المضاجع في القدس:
وقعت مشكلة في القدس في توقيت غريب (يحتاج لبحث آخر) وخلقت صعوبة بالغة لوصفي التل في تلك الفترة وقد تكون هي السبب في اتساع الخرق على الراتي كما يقولون في الحكومات اللاحقة مثل حكومة سمير الرفاعي.
بدت المشكلة عندما ضغط السفير الاميركي على رئيس الوزراء لدخول عضوين من الكونجرس الاميركي عن طريق بوابة (مندلبوم) وثارت المعارضة في وجه المحافظ الجديد فضل الدلقموني . وللاسف فان الوثائق اخطأت واثارت امورا شكلية منها انه من مدينة وصفي التل (اربد)!!
م كان موضوع عزل المحافظ سببا اعني محافظ القدس انور نسيبة (شقيق حازم نسيبة) !!قامت الحكومة بعزله وتعيينه (سفيرا) دون تحديد البلد الذي سيخدم فيه ولم تمر الامور بسلام وبخاصة ان المجلس البلدي واخرين في الضفة يؤيدون نسيبة وان المجلس البلدي هدد بالاستقالة وتضامن بعض الوزراء في عمان مع نسيبة.وحتى ذلك الوقت فان حازم نسيبة قام بدور الوسيط مع شقيقه من اجل قبول المنصب، قبل انور المنصب وبعد نصف ساعة تراجع وفي هذه الاثناء كان حازم قد بلغ رئيس الوزراء الموافقة والذي بدوره بلغها للصحف.وظل الموضوع معلقا بالنسبة للحكومة وهي لن تتراجع عن قرارها وزاد الموقف سوءا عندما تم تعيين محافظ جديد من الضفة الشرقية هو فضل الدلقموني وعُين محافظ اخر لنابلس هو عادل الشمايلة وكما يظهر من اسمه فهو من الكرك ولكن يعيش في اربد ولم ترحم الوثائق البريطانية وبخاصة تلك الصادرة عن القنصلية في القدس التي اتهمت وصفي التل بانه يعين ابناء مدينته وذكرت تقارير القنصلية ان الشمايلة ايضا من مدينة وصفي وهذا خطأ!
وصفي التل يبرر التعيينات:
برر وصفي التل تعيينات نابلس والقدس ان الحكومة هي صاحبة السيادة في التعيينات وذكر السفير البريطاني باركيس (PARKIS) من السفارة يوم 15/1/1963 ان وصفي يرى ان الحكومة حرة في التعيين في حدود المملكة الاردنية الهاشمية وذكر ان وصفي التي اشتكى من اعتراف الاميركيين باليمن الجمهوري وان هذا سبب له مشاكل اذ قوى مركز الناصريين ومركز الشيوعيين وان الاوضاع الامنية تتردى وعلى ما يبدو ان وصفي كان لا يسأل وعندما قال: ليشربوا البحر (يقصد خصوم الحكومة) فان (هندرسون) من السفارة كتب يوم 18/1/1963 مشيرا ان نائبا انتقد هذه العبارة التي لم يجد (هندرسون) افضل من عبارة (ليذهبوا الى الجحيم) كترجمة للعبارة السابقة.
تفاقم الاوضاع سوءا:
لم يحظ تعيين الدلقموني والشمايلة بموافقة المعارضين من الاهالي في القدس ونابلس وحتى وزير في حكومة وصفي (ابو غزالة) اشتكى ان الدلقموني لا يعرف انجليزي وانه غير مناسب لاستقبال الوفود. وهذه امور شكلية وما كان يجب ان يثيرها الوزير!!
كتب (ميتلاند) من القنصلية في القدس للمركز يوم 18/1/1963 بعد زيارة للدلقموني ان انجليزية الدلقموني مثل عربية (ميتلاند) وان من الصعب تسويقه في القدس وتسويق الشمايلة في نابلس وان هذه التعيينات اضعفت من شعبية وصفي.
وفي تقرير (باركيس) من السفارة يوم 15/1/1963م ذكر ان داود ابو غزالة انتقد تعيين الدلقموني وان (حازم نسيبة) وزير الخارجية اقنع اخاه بتولي منصب سفير في الخارجية.. ولكن على ما يبدو ان تراجع انور نسيبة عن تقديم الاستقالة ارتبط بتعيين الدلقموني.
ولاحظ كيف ان السفير الاميركي خلق هذه المشكلة لوصفي وان وصفي تورط مع أهل القدس وان ردود الفعل تتسع ذلك ان المجلس البلدي والتجار تعاطفوا مع انور نسيبة وحتى حازم نسيبة وداود ابو غزالة تعاطفوا مع انور نسيبة وتوسط الشيخ ابراهيم قطان وكان وزيرا مع وصفي واقنع حازم وابو غزالة بالعدول عن تقديم استقالتهما كما تشير الوثائق.
جهود الملك آنئذ:
لم يترك الملك الامور وذهب الى القدس وخلال ستة ايام زار القدس مرتين وفي تقرير (ميتلاند) من القنصلية في القدس اشار ان الملك زار الخليل وزار القدس وان زيارة الملك غطيت من الصحافة جيدا.
قارن ميتلاند بين استقبال الملك في القدس واستقباله في الخليل.
كتب (باركيس) يوم 12/1/1963 ان الملك زار القدس ومعه وصفي التل.
كان هناك في القدس مسؤولا عسكريا (عاطف المجالي) ويشير (ميتلاند) يوم 11/1//1963 ان وصفي دخل في خلاف مع محافظ القدس.
وفي تقرير (ميتلاند) يوم 11/1/ اشار ان القدس اضربت واغلقت المتاجر ابوابها تضامنا مع المحافظ.
هناك نقد على كافة الجبهات في القدس على هذا النحو:
1) تقرير (سترلينج) من السفارة ان المعارضة غاضبة من صلاح ابو زيد الذي لم يبلغ الصحافة مباشرة وانما عن طريق المقسم الذي طلب منهم فرض رقابة على النواب.
2) كان هناك نقد من النواب مثلا الدكتور الداود يقارن بين موقف الحكومة الاردنية في اليمن وموقفها في العراق عام 1958م لان الحكومة ارسلت قوات لليمن ولم ترسلهاالى للعراق.بالنسبة لباركيس اعتبر الحديث في مجلس النواب مهما وظاهرة صحية وليس غير ذلك.كتب (سترلينج) للمركز ان حازم نسيبة غير موافق على تصريحات ابو غزالة السابقة الذكر.
اجراءات اخرى:
قامت الحكومة باجراءات أخرى مثلا ارسلت حكمت مهيار رجل الامن العريق الى الضفة الغربية لتنظيم الامن العام هناك وكتب ميتلاند من القنصلية عن ذلك.
وتتحدث الوثائق ان محمد رسول الكيلاني زار القدس وكتب (سترلينج) عن هذه الزيارة واقامته في الفندق دون علم مدير الشرطة (فايز ايوب)
.ميتلاند يقابل انور نسيبة
بعد اسبوعين من بداية الازمة التي ثارت بعزل محافظ القدس تحجج (ميتلاند) بموضوع مبنى القنصلية الجديد وذهب الى انور نسيبة فوجد انه استقر في مزرعته في اريحا وانه اصبح بطلا في نظر الناس واشتكى انور لميتلاند انه لم يكن يعرف اين هي السفارة التي سيعين فيها وهي لم تحدد اصلا ولو حددت لساعد ذلك في اتخاذ القرار.
وصفي منزعج من الصحافة في القدس:
في يوم 8/شباط كتب (سترلينج) للمركز ان وصفي منزعج من الصحافة في القدس، وفي يوم 15/1/1963 اغلقت صحيفة الجهاد.
مقدار خطورة الوضع في الاردن:
لا ترى الوثائق ان الوضع خطيرا وان التنظيمات والاحزاب كلها ليس لها قوة ضاربة وغير موحدة، وان الحكومة قوية امام التنظيمات الحزبية كالاخوان المسلمين والتحرير، وبالنسبة للشيوعيين مسيطر عليهم في الاردن وبالنسبة لنقاط الضعف في الوطن العربي كما كتبت الوثائق تأتي من الجيش وان الانقلابات التي حصلت خلال الخمسة اعوام التي سبقت عام 1963 كانت من الجيش وبالنسبة للاردن فان الجيش له ولاء وهو جيش مسؤول وجيش مدرب.. .
لماذا يكيدون للاردن:
في 7/3/1963كتب (باركيس) للوزارة عن سبب الكيد للاردن وذكر قصة العقرب والضفدع في (اليس في بلاد العجائب) وكيف ان العقرب طلب من الضفدع ان يقطعه نهر النيل. خاف الضفدع ان يلسعه العقرب. اجاب العقرب انه لو فعل ذلك سيموت وسيغرق مع الضفدع وهنا وثق الضفدع في العقرب وحمله وقطع به نهر النيل وعندها لسع العقرب الضفدع فسأله الضفدع لماذا فعلت ذلك، اجاب العقرب لا اعرف فانا في الشرق الاوسط!!
عودة الحياة الطبيعة في الاردن:
فتحت المدارس يوم 9/5/ وكانت قد اغلقت يوم 20/3 واسهبت التقارير في وصف احداث يوم 20/3/1963 ومظاهرات المدارس وبخاصة الشباب في الرشيدية والبنات في المأمونية.
بدأ الحديث في البحث عن رئيس وزراء جديد وطرحت اسماء جديدة للوزارة على مستوياتها المختلفة ومنها:
1- انور نسيبة.
2- عبد الحليم النمر.
3- حكمت المصري.
4- انور الخطيب
وحصلت تعيينات جديدة وعين زهير المفتي بدلا من بهاء الدين طوقان وفتحي ياسين بدلا من راضي العبدالله مدير الامن.وتحدثت الوثائق عن اسباب التعديلات واشارت ان صلاح طوقان رئيس مجلس النواب لم يضبط جلسات مجلس النواب وكان رئيس مجلس النواب (كما يذكر الدكتور حازم نسيبة صديق لوصفي التل).
وفي مجلس الامة السابع اصبح عاكف الفايز رئيسا لمجلس النواب وظل من 1/8/1963 وحتى 23/12/1966.
وتغير سفراء الاردن في لندن وباريس وروما:
اختلاف اجتهادات وصفي عن سمير بعد جلسة الثقة:
ظل (باركيس) يتحدث عن الوضع في الاردن واشار ان (حازم نسيبة) تكيف مع الحكومة الحديثة ولكن كما جاء في الوثائق فان حازم كان سعيدا كوزير للبلاط في تموز اكثر من سعادته كوزير خارجية ولما سأله السفير الاميركي لماذا قبل وزير بلاط ذكر انه (اردني منظم). وبالنسبة لسمير الرفاعي ركز على انتخابات برلمانية جديدة وعمل في هذا الاتجاه جاهدا في حين ان وصفي التل صب جهوده في بقاء مجلس النواب القديم على اساس ان تمضي شهور اربعة على حله ولا تحصل انتخابات فيعود للحكم.
السفير البريطاني ومعه اخرون لا يريدون انتخابات وبصراحة هو يخشى الانتخابات:
وتحدث (باركيس) انه سمع من وصفي التل ان مجلس النواب هو افضل مجلس نواب في تاريخ الاردن ولكن سمير الرفاعي مع الانتخابات ويستخدم نفوذه لاقناع الملك بان النواب لا يمثلون الشعب.
استمرت الازمة
وجرت انتخابات ولم يبق سمير في مجلس الاعيان اذ استقال في 1/12/1963 وبالنسبة لوصفي كان عضوا في مجلس الامة السابع والثامن واستقال في 5/3/1967 عندما اصبح رئيس الديوان الملكي، ولم تنته المشاكل الا بالمصالحة مع مصر مطلع عام 1964.
راي حازم نسيبة في ما هو مذكور أعلاه:
[كان السناتور جافيتس وهو من كبار الحزب الجمهوري المتنفذ في الكونجرس. وهو معروف انه صهيوني. الوضع كان مشتعلا اصلا، ولقد تضامن الدكتور حازم نسيبة مع انور سلفا في موضوع عدم استقبال (جافيتس) كان السفير الاميركي (ماكمبور) يضغط للسماح له بالدخول ويذكر الدكتور بالقول: (انا خشيت من ردود الفعل في القدس التي لا يمكن استيعابها في تلك الظروف الحرجة كان موقفي وموقف انور واحدا، حتى قفزت الاتصالات عني وتم السماح لجافيتس بالزيارة.
اضرب اهل القدس وتجول جافيتس في القدس فوجد القدس مغلقة وغادر، ولم يدخل القدس القديمة كانت لنا مواقف وطنية وقائية امام هذا الرجل المعادي لقضيتنا.
تداعيات تعيين انور سفيرا:
كنا مجتمعين في مجلس الوزراء وسأل (وصفي) اذا كان انور يقبل ان يكون سفيرا في لندن، اقنعت بدوري انور وقبل ولكن اهل القدس اعتبروها عزلا لانور (اذن الامر ليس اقالة كان وصفي منحرجا مني لا يمكن ان يقيل اخي ولكن يمكن ان يجعله سفيرا في لندن) بالنسبة لي اخي انور اكبر مني كنت احترمه كثيرا واعمل له في الانتخابت لانه الأخ الاكبر.
المهم اقنعت انور واصبح سفيرا في لندن كما قررت في الحكومة، انصافا لوصفي لم يكن يريد ان يتحمل ان يعزل انور نسيبة من محافظة القدس ولكنه وجد حلا وسطا. بتعيينه سفيرا كل ذلك على خلفية عدم الترحيب بجافيتس. انور كان شديدا ومستقلا في رأيه ولذلك كان من السهل ان يكون له موقف وطني مميز.
كان كريما يدعو الناس وكان بعض المدعوين يروج دعايات ضده انه يريد فصل القدس بالنسبة لي اؤكد ان هذه دعايات وان الرجل وطني ومخلص للملك ولكنه ملتزم بقضية فلسطين.كان يطلب مني ان ارتب له مقابلات مع الملك حسين].
ويؤكد الدكتور حازم ان هناك كثيرا من تحريف الحقائق التي تعقد الوصول للحلول، وبالنسبة للدكتور حازم يقول: بذلت جهدا في اقناع المرحوم انور في قبول منصب سفير.
اما بالنسبة لفضل الدلقموني الذي عمل معي في وزارة الانشاء والتعمير كانت الاوضاع في القدس تتطلب شخصا بمواصفات اخرى في تلك الظروف بالنسبة للقدس فيها قناصل وفيها ادارة واتوقع ان تعيين شخص اخر يكون انسب للتعامل مع الدول الاجنبية ذات القنصليات في القدس، والقنصليات مستقلة عن السفارات في عمان.
وبالنسبة لكفاءات المسؤولين هذا موجود في الولايات المتحدة، هناك وجهة نظر ان تعيين الحاكم من نفس البلد او من بلد اخر، بالنسبة لنابلس تعيين فيها من الضفة الشرقية حكاما اداريين ونجحوا مثل صالح المجالي وبالنسبة للقدس كان تعيين انور نسيبة مناسبا جدا فهو من القدس لكن تبرير السفارة والوثائق ان انور نسيبة لم يستوعب ردود الفعل على زيارة (جافيتس). هذا صحيح في نظر د. حازم نسيبة وليس هناك اي سبب خر. وكما ذكرت سابقا فانه ليس بمقدور انور ان يكبح جماح غضب الناس في تلك الفترة وان القدس نفسها اضربت امام السناتور وتجول فيها وهي فارغة وهي في حالة اضراب.ويذكر د. حازم انه لم يرغب ان يكون نائبا في تلك الفترة ويؤيد فكرة ان وصفي التل رغب ان يبقى المجلس القديم