جاءَ للْقَهوةِ رِسالةٌ قَبل أيّام مِن أَمانةِ عَمّان تُحَذِّرُها فيها من الفَوَران و تَقولُ لها أنّ فَوَرانِها كان و بِوُضوح خارِجَ الحَدِّ المَسموح , هذه الرّسالة و بالرُّغمِ من أنّهُ قدْ كان لها ما قَبلها جَعلتْ القهوة في حَيْرةٍ من أمْرِها, فسألتْ نَفْسَها عن المقصودِ حقيقةً من هذه الرّسالة وعن الكلام الّذي جاءتْ بهِ و عن "الكلام" الّذي جاء بِها و سألتْ القهوة أحبّا ئها و أصدقائها
"مَن مِنهم..... و بِأمانة؟
قد وشى بِها
و أخبَرَ الأمانة!
عن فَوْرَةِ حُبِّها"
و الحقيقة أنّهُ و كما أوْرَدْنا في بداية هذا المَقال أنّ هذه الرّسالة و إنْ كان فيها نوْعٌ من المُفاجئة من حيْثُ المَضْمون و من حيْثُ الجّهة الّتي جاءت مِنها إلّا أنّها لم تًكُنْ مُفاجئةً جدّاَ للقهوةِ حيثُ أنّ القهوة كانت قد فارت فِعلاً قبل أيّامٍ من وُرودِ هذه الرّسالةِ الرّمزيّة لها و الّذي جرى حقيقةً هو أنّ القهوة كانت في لحْظةِ حُبٍّ قويّةٍ مُفاجئةٍ قد فاضَت بِحُبّها
و ثارَت و فارَتْ
ولم يَكُنْ من المُمْكِنِ في لَحظة الحُبّ المُتصاعِدة الجَميلة تلكَ إيقافُها
لقدْ كانتْ نارُ حُبِّها حامِية
و كانَ حُبُّها قَوِيّاً و عَنيفاً
و لمْ تَسْتَطِعْ الإنتِظار, فأعْلنت لِكُلّ أصدقائها من خلالِ فوْرَتِها العفْويّة المُفاجئة أنّ
"كُلُّ شيْء يَنْتَظِر ... والحُبُّ لا"
و الّذي جَعَل القهوة تًسْتَغْرِبُ حقّاً من رسالةِ الأمانة و جَعَلَها تَتَسائل عن الكلام الّذي جاءت بهِ هذه الرّسالة وعن "الكلام" الّذي جاء بها هو أنّ ثورة حُبّها في يومِها الثاني لم تُؤدّي بها إلى الفوران , لقد فاضَ قلبُ القهوة بَحُبّها في اليوم التالي لإندلاعِ ثورةِ حُبّها و لكِنّ حُبّها بِقي في هذا اليوم في إطار قَلبِها
"يَبعَثُ رسائل الحُبِّ القوية إلى أفكارِها"
فأعلَنت لأصْدقائها مرّةً أُخرى
"أنّ كل شيء ينتظر ... و الحُبُّ لا"
ولكِنّها إستَطْردت و قالت لأَصدِقائها
" أنّ الحُب لن يكونَ حقاً دافعاً و مُنِصفاً للحياة
دون افكار مُحبّةٍ و أناة "
وكأنّها أرادت أن تُذكّرَ أصدقائها بأنّ العاطفة و العقل يجب أن يَكونا في تناسُقٍ و تكاملٍ فيما يبنهُما كي يَستَقيمَ أمرُ الحياة وأنْ تُذكّر أصدقائها بالمَعنى الجميل الّذي أشار ألبِرت أيْنشتاين إليه يوماً عندما قال
" في البداية تَتَوجّه كُلُّ الأفكار إلى الحُبّ و بعد فترة ( عندما يَنْضُجُ ضمير و عقل الإنسان) يَتَوجّه كلُّ الحُبّ إلى الأفكار"
و يبْدو أنّ القهوة أرادتْ أن تُرسِل رِسالةً بِفِكرةٍ أبعد من هذهِ الفكرة الّتي طرحها أيْنشتاين لأنّ قلبها في يوم حُبّها الثاني كان يُرسِلُ "الرّسائل المُحبّة" إلى أفكارها : لقد أرادتْ القهوة أن تَقولَ لأصدِقائها أنّ الحُبّ يَتَوجهُ كُلّه بعد أن يَنْضُجَ ضميرُ و عقل الإنسان إلى الأفكار الهادئة المُتّزنة العادِلةِ النّابِعة أصلاً منَ الحُبِّ و القائِمة عليه.
و يَبقى السؤال مَطروحا : من اسْتَعجل في الحُكم على فوْرة حُبِّ القهوة ووشَى بها قبل أنْ يَسْتَمع إلى كُلِّ ما أرادت أنْ تَقوله لأصدقئها