في عام 1956 صمم ديفد وارن وصنَع أول جهاز لتسجيل بيانات الرحلات الجوية ليصبح معروفا باسم "الصندوق الأسود"، بالرغم من أن لونه غالبا ما يكون برتقاليا من أجل تمييزه وسط الحطام .
أتت فكرة صنع واختراع "الصندوق الاسود" في الطائرات للتعلم من الاخطاء المرتكبة والاستفادة منها وحتى يتسنى للعلماء خفض نسبة الخطورة على المسافرين جواً ، وبلغت نسبة الفرق في الحوادث من وقت اختراع الصندوق الاسود حتى يومنا هذا اكثر من ٨٥% مما أنقذ ملايين الارواح ، وكان العلماء يَسعدون بوقوع حادث يموت فيه ١٠٠ شخص لانهم سيتعلمون من الخطأ وسينقذون الالاف من الاشخاص ..
وعقلية الصندوق الاسود لا تنطبق فقط على مجال الطيران بل على كل المجالات في حياتنا ، واهمها المجال الطيبي الذي راح ضحيةَ الاخطاءِ الطبيةِ فيه ملايينُ الملايين .
ما زلنا في الاردن نفتقد لعقلية الصندوق الاسود وقلةٌ من المجالات تستفيدُ من نهجهِ وتمشي على خطاه ، فنسمع بالعديد من الاخطاء الطبية التي تودي بالارواح دون الاستفادة من التجارب معها ، لان الاطباء نفسهم يقنعون أنفسهم بأنها ليست أخطاء ويتغاضون عنها ولا يعترفون بها وذلك ( لسمعتهم ) مما يؤثر على الملايين من الناس دون حسيب ورقيب .
فمثلا في منطقة سكني ( مرج الحمام ) أخطأ المهندس الذي نفذ تحويلات الجسر والنفق الجديدان وبعد التجربة اقتنع بانه كان على خطأ وصحح مسار التحويلات حتى باتت باحسن حال .
فاين نحن في الاردن من هذه العقلية ؟ ومتى سنعترف بالخطأ ونصححه ونتعلم منه ؟ وكيف ستدخل هذه العقلية لمؤسساتنا ووزاراتنا وحكوماتنا ، أن نعترف باخطائنا ونتعلم منها ليستفيد من هم بعدنا من تجاربنا وكيف سيستطيع الطبيبُ أن يكشف عن خطئه دون معاقبته وحبسه فقط لأجل ان ينقذ الجهازُ الطبيُ الاف الارواح من خلال التعلم من الخطأ الذي وقع ؟
اسألةً تحتاج لالاف الاجابات ولكن ليس هناك من يسأل والمجيب ان وجد اصلا .. لا يعرف بما سيجيب !
إلا اذا اتخذنا من عقلية الصندوق الاسود منهجاً في حياتنا ..