وزير المالية مسؤول عن ضبط الأوضاع المالية، وإن تحفظ على بعض قرارات التحفيز التي تمس منظومة الإيرادات ورأسها الضرائب فهذا يقع في صلب عمله، فلا مكان للمرونة ولا مكان للتهاون في شأن القرارات الخاطئة.
من هنا يحمل أي وزير مالية في داخل الحكومة صفة «غليظ القلب» ويتهم بأنه يأخذ قراراته لاعتبارات محاسبية فيختلف مع الوزراء ويخالفهم وهو لا يجب أن يخضع لمعادلة التنافس الوزاري وهو معني بتحقيق مكاسب للاقتصاد الكلي وليس معنياً بمكاسب صغيرة أو كبيرة لقطاع هنا وآخر هناك.
ولأن ممارسة سياسة مرنة في حالة الأردن عملية صعبة ولأن المالية لا تملك حيزاً مريحاً تتصرف به ولأن 97 %من الموازنة محدد سلفاً مثل الرواتب والتقاعد والفوائد والإيجارات وتكاليف الدعم المختلفة لا يستطيع وليس مقبولاً من وزير المالية أن يجازف بنسبة الـ 3%
المتبقية..
ظل الاقتصاد الوطني ولا يزال بحاجة الى سياسة مالية قوية، لمنع تفاقم عجز الموازنة وارتفاع المديونية، وهو ما كان يصطدم على الدوام بالوعود التي يطلقها رئيس الوزراء أو يستسهل نثرها الوزراء دون أن يكون لها مخصصات مالية وهو ما أخل بالمالية العامة
عندما يرضخ وزير المالية للضغوط الشعبية التي يستجيب لها الوزراء أو يتبرعون لها فيتجاوز المخصصات المرصودة في الموازنة ويستدين، على طريقة «دبر حالك» فيعالج كل ذلك بالاقتراض من الداخل والخارج كما جرى في قضية المعلمين مؤخرا فتجاوزت المديونية خط الأمان وهكذا.
رئيس الوزراء والوزراء يملكون الحرية التامة والبحبوحة في إطلاق الوعود والتعهدات والسخاء فيها إلا وزير المالية، فهذه الوعود تعني توفير المال، وليس صحيحاً أن وزراء المالية ليسوا مسؤولين عن مالية الدولة، وأن عليهم فقط تنفيذ قرارات وسياسات وتوجهات الرئيس والوزراء بل الصحيح هو أن وزراء المالية هم الركن الأساس، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية صحة المالية العامة وعليه ينظر إلى الصورة العامة–العجز المالي وتفاقم المديونية، وعليه أن يقف حاجزاً أمام التضحية بالإيرادات لتجنب الحلول الصعبة.
عبر الحكومات تميز وزراء المالية وكانوا الأكفأ حتى قيل أن لدينا أفضل وزراء مالية لأسوأ أسوأ الاوضاع المالية.
(الرأي)