كان لبنان يعرف بسويسرا الشرق منذ عهد قريب , حيث كان يعتبر من اهم المراكز المالية في الشرق الاوسط , فبالرغم من الحرب الاهلية التي بدات منذ عام 1975 وانتهت باتفاق الطائف عام 1989 , والعدوان الاسرائيلي على لبنان في عام 2006, الا ان لبنان نهض وتمكن من استقبال العدد الاكبر من السياح العرب والأوروبيين في تاريخه عام 2009.
في الاحتجاجات الاخيرة وحد الفقر ومحاربة الفساد المستشري في معظم القطاعات جميع اللبنانين ومن مختلف الطوائف . فكيف لبلد مثل لبنان ما زال اهلها يحصلون على الطاقة الكهربائية من مولدات الكهرباء المنتشرة في الاحياء السكنية, بالرغم من الوعود المتكررة من قبل الحكومات المتعاقبة عبر عشرات السنين ,بان ازمة الكهرباء في لبنان في طريقها للحل ,ولكن المماحكة والمناكفة والمجاكرة المبنية على اسس طائفية سياسية ومصالح ذاتية وتنفيعات شخصية , وسماح بعض السياسين والاحزاب اللبنانية بتدخل بعض الدول في الشأن الداخلي اللبناني, ادت الى ان المواطن اللبناني البسيط يدفع ثمن الحرب الاهلية حتى يومنا هذا.
فمشكلة الكهرباء في لبنان اضافة الى انها خدمية , الا انها اقتصادية من الطراز الاول , فمن جهة يتحكم اصحاب المولدات الكهربائية بتوفير الطاقة الكهربائية لبضع سويعات مقابل مبالغ طائلة, ومن جهة اخرى تستخدم الحكومة اللبنانية محطات كهرباء قديمة لانتاج الطاقة ,تكلف الدولة اللبنانية ما يقارب 1.5مليار دولار سنويا ,وهذا يعادل نحو ربع عجز الميزانية البالغ 4.8 مليار دولار,حيث ينفق معظم هذه الاموال على وقود السولار لتشغيلها ,واما الجزء الاخر على تغطية تكاليف الصيانة الباهضة التي يستفيد منها البعض بسبب الفساد المستشري في مناقصات الصيانة التي تكلف الشىء الكثير.
فكما ذكر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي, فان إصلاح الكهرباء حيوي لخفض الدين الذي يعادل الآن نحو 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي,وان الديون المتراكمة على الدولة اللبنانية لدعم شركة الكهرباء تبلغ 40% من اجمالي الدين العام البالغ نحو 100 مليار دولار . وحسب البنك الدولي, فان نقص الكهرباء في لبنان يأتي في المرتبة الثانية بعد عدم الاستقرار السياسي في عرقلة النشاط الاقتصادي.
زرت لبنان مرة واحدة في حياتي في نهاية التسعينات ,ورايت الدمار الهائل الذي انتجته الحرب الاهلية , وقمت بمقارنة ما حدث في لبنان من دمار مع ما حدث من بناء في كافة القطاعات في الاردن بسبب الاستقرار السياسي خلال مدة الحرب الاهلية , فايقنت ان السلام هو الخيار الوحيد للبناء والتنمية ,واما خيار الحرب هو خيار الدمار والهلاك.
الشعب اللبناني يستحق الافضل ,وكما غنت فيروز لبيروت اقول من قلبي سلام لبيروت , وادعو الله العلي القديركما كل الاردنيين المحبين للبنان واهلها , ان تنتهي محنتهم العصيبة في القريب العاجل, وان يعود لبنان كما كان سويسرا الشرق, وادعو كذلك الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بالوقوف الى جانب لبنان لانه منارة الشرق الاوسط, وتركه للانهيار سيؤدي الى كوارث لا تحمد عقباها.