قبل سنوات طويلة وصف مدير الاستخبارات السعودية إيران بأنها نمر من ورق له مخالب فولاذية. وكان هذا الوصف قبل أن يكون لإيران النفوذ الذي نراه اليوم في المنطقه العربية. وهو وصف دقيق أثبتت السنوات الأخيرة صحته عندما دخلت إيران العديد من العواصم العربية عبر مخالبها مع بعض الإسناد من حرسها الثوري ودعم مالي ضخم.
وخلال أربعين عاما من العداء بين أمريكا وإيران قدمت السياسة الأمريكية لإيران خدمات كبرى من أكبرها تدمير الدولة العراقية وتسليمها لإيران وأتباعها. واكتفت واشنطن بالعقوبات الاقتصادية والتهديد السياسي لكنها فتحت أبواب عواصم عربية عديدة للحرس الثوري ومخالبها المحلية.
اليوم تواجه إيران مأزقا كبيرا إن لم يفقدها كثيرا من نفوذها فإنه سيحطم جزءا من مخالبها. والمدخل ليس عملا عسكريا أمريكيا بل فقر الناس وغضبهم في دول افتخرت إيران إنها تحكمها وتحديدا في لبنان والعراق.
ومصدر الخطر على إيران جاء من وجود مخالبها العرب في هاتين الدولتين في أنظمة سياسية فشلت في تحقيق الحياة المعقولة للناس. بل كانت أنظمة غارقة في الفساد.
ففي العراق يسيطر أتباع إيران على الحكومات والبرلمان منذ الاحتلال الأمريكي للعراق. وهم من يحكمون ولهم القرار الحقيقي. وفي لبنان فإن حزب الله وحلفاءه هم من لديهم أغلبية برلمانية ومنهم رئيس الجمهورية وأغلبية المقاعد في الحكومة. وحتى سعد الحريري فقد انصاع لمعادلة هذا التحالف التابع لإيران.
تحطيم المخالب الإيرانية يأتي اليوم بطريقة ربما لا تخطر على بال أحد. لأنها ارتبطت بمعاناة الناس وغضبهم. كما أنها تزامنت مع خروج الناس في المدن الإيرانية ضد الحكم في إيران احتجاجا على قرارات اقتصادية وأوضاع معيشية.
ولعل الجانب الأهم أن حلفاء إيران في لبنان والعراق الذين بنوا معادلة وجودهم على فكرة المقاومة ومواجهة أمريكا يواجهون اليوم مواطنيهم الذين يتهمون السلطة أي حلفاء إيران بأنهم ركن أساسي في منظومة الفساد وصناعة الفقر.
هم في مواجهة الناس. وهم متهمون بصناعة معاناه شعوبهم. وحتى لو تم استغلال هذه الحراكات من قبل أعداء إيران فهذا أمر متوقع مثلما استغلت إيران أوضاع دول عربية لتدخل وتصنع لها ميليشيات وأتباع.
ربما لا يكون لما يجري القدرة على وقف التفوذ الإيراني لكن ما هو مؤكد أن ما يجري مهم جدا. كما أنه نقل مخالب إيران الفولاذية من موقع الحديث عن حماية مصالح الأمة إلى مواجهة الناس في الشوارع باعتبارهم سلطة فاسدة.