اذكر قبل حوالي 13 عام تقريبا؛ كنت أرافق الوالد رحمه الله لبيت عزاء، تصادف دخولنا مع وجود رئيس وزراء سابق (ليس رئيس الوزراء في تلك الفترة)، ذهب الوالد رحمه الله للسلام عليه: اهلا دولتك، الرئيس السابق رد على الوالد: اهلا زياد!
صعقني رد الرئيس السابق على الوالد الذي يكبره على الاقل بعشر سنوات عمرا وعقود يسبقه فيها في العمل السياسي، ونفس دولته (حين كان مواطنا مثلنا)، كان يُمنّي نفسه ذات انتخابات برلمانية للإجتماع مع الوالد رحمه الله - حين كان الناطق الإعلامي باسم مرشحي الحركة الاسلامية في العام ١٩٨٩م- لطلب دعم الاخوان له في تلك الانتخابات.
يومها كتمت غضبي من رد الرئيس السابق على الوالد (اهلا زياد) الذي احترمه ولم يبادله دولته بذات الاحترام، ولو لم نكن في مجلس عزاء لكان لي تصرف آخر مع الرئيس السابق.
مقولة "انا رئيس" بهذا التعالي والفوقية؛ ليست طارئة على رؤساء وزراء سابقين اعتقدوا ان موقعهم يعطيهم الحق في التقليل من احترامهم لمن يكبرونهم عمرا او يسبقوهم في العمل السياسي.
كتبت سابقا، ان الوالد رحمه الله لو كان يبغي مناصبا لوصل إلى اعلاها، فهو ابن محمود ابو غنيمة مربي الاجيال والذي تتلمذ على يديه عشرات من المسؤولين من رؤساء وزراء ومسؤولين، وعمّه د. محمد صبحي ابو غنيمة الزعيم الوطني العروبي وخاله عرار وابن خاله شهيد الاردن وصفي التل.
في مقابل ذلك الموقف، وفي بيت عزاء آخر تواجد فيه رئيس وزراء سابق آخر، لم يقبل هذا الرئيس إلا ان يُقبّل رأس الوالد حين رآه وبادره بتحية كريمة: أهلا بشيخنا واستاذنا...
الحمد لله الذي اورثنا إرثا نُفاخر به الدنيا، فلا يضيرنا ان ينادينا البعض بأسمائنا مُجرّدة من اي لقب... لا دكتور ولا استاذ.
وصدق الله القائل في مُحكم تنزيله "وكلكم آتيه يوم القيامة فردا".. يوم لن ينفعك لقب دولة او وزير...
فمن تواضع لله رفعه.