الفساد وكلاء ومسوقون .. مقال جديد ل عدنان الروسان
عدنان الروسان
21-11-2006 10:22 AM
الفساد مؤسسة كبيرة لها وكلاء في الخارج ومسوقون في الداخل
الموجود شيء مرعب يقوم بابتلاع الوطن والمواطن كل يوم
الشعب الذي تتدمر قيمه ، يصبح من السهل بيعه وشراءه
نصيب الوعي في الممارسات الحكومية ضعيف جدا
أين هي حقوق الأردنيين في التعبير والمنابر المتاحة لهم...
سطوة القوة وهيبة الدولة بالمفهوم العام الشائع المتداول لا يمكن أن تجعل من مجاميع قوى الشعب قوى فاعلة ، متناغمة ، منتمية تحب بصدق وتعمل بإخلاص وتنتمي بعزيمة ، بل إنها تجعل من الفجوة بين الناس والنظام المتمثل بمجموع القوانين والأنظمة والممثل بالحكومة ووزرائها ومدراء مؤسساتها أكثر اتساعا ، وبدلا من ذلك لابد أن تجتمع في الحكومة عوامل القداسة والطهارة والنزاهة والقوة ما حتى تتمكن من أن تسيطر على مشاعر الناس وتضمن انقيادهم الطوعي لهيمنة القوة وسحر المشاعر في آن معا.
إن الواجهة التنفيذية لابد أن تكون بأيدي العقلاء من أبناء الوطن الذين يرجحون مخافة الله على مخافة المدعي العام ، ويرجحون مصلحة أبناء الوطن الفقراء على مصالحهم ومصالح أبنائهم ، ويسعدون بسعادة الجميع أكثر من سعادتهم بانتفاخ أرصدتهم البنكية في الداخل والخارج من المال الحرام ، ليس من المعقول أن تعيش البلد على وقع حالات ملاحقة الفساد الانتقائي بين الحين والحين ، لتنفيس غضب الناس ، فالفساد مؤسسة كبيرة مترامية الأطراف تمتد جذورها في وطننا المسكين ولها وكلاء في الخارج ومسوقون في الداخل ، ومدافعون منافحون عن أدائها وشخوصها وفائدتها للوطن والمواطنين ، بل وضرورتها وضرورة التغاضي عنها ، الفساد الموجود شيء مرعب كبير يقوم بابتلاع الوطن كل يوم ، ويقوم بتدميرنا كل يوم ، ويقوم بالقضاء على أخر ما تبقى من كرامة الأردنيين كل يوم ، القصص التي تحدث يوميا يندى لها جبين الإنسانية ، الجوع والقهر والظلم والإذلال ، وتضييع الوقت والبيروقراطية والترهل ، وقراءة الجرايد في المكاتب الحكومية والقهوة والشاي والزيارات الخاصة في ساعات الدوام الرسمي والابتزاز ، والتحدي والإستقواء بالمسمى الوظيفي على المواطن ، والتفرقة في المعاملة بين المواطنين .
إن كل ذلك وغيره الكثير أسلحة فتاكة تضعها الحكومة في أيدي المظلومين أو من يريد أن يستغلهم لأي أفعال مخالفة لروح المواطنة الصالحة ، كما إن التعسف والفساد والطغيان باسم القانون وباسم الحكومة يعود وبالا علينا جميع .
إن مدى نمو أو انحطاط القيم داخل المجتمع يجب أن يكون أولوية من الأولويات الهامة للحكومة ولصانع القرار ، لأن الشعب الذي تتدمر قيمه يصبح من السهل جدا بيعه وشراءه على قارعة الطريق ، والسياسات التي تنتهجها الحكومة في الأشهر الاخيرة وهي بالمناسبة ليست شاذة عن سابقاتها من الحكومات ، سياسات في معظمها غير مفهومة ، ويسود شعور عام في أوساط العامة الذين نحن منهم أن الحكومة ليس لديها أي استحقاقات لتنفيذها غير تسيير الأمور اليومية للبلد ، والتعيين والتوظيف والنقل ، وكنا نتوقع ونتفاءل بأشياء أخرى أكبر بكثير واهم .
لا يمكن أن يبقى المر على ما هو عليه وان تبقى كل أفعالنا ردود أفعال ، وأن نبقى دائما متوجسين خائفين من أي تقرير قد ينشر في صحيفة أمريكية أو أوروبية عن الأوضاع السياسية أو الاجتماعية في البلد ، لا يمكن أن نبقى أسرى لأفعال وفساد فئة لا تخاف الله ولا تخشى من القانون بل إنها تحسب نفسها فوق القانون وغير قابلة للحساب والعقاب
الذين يقولون أن ملفات الفساد غير موجودة لا يريدون أن يحاسبوا ولا يريدون أن يتصدوا وهم إما خائفون من الفاسدين أو متواطئين معهم ، والذين يظنون أن الأردنيين يمكن أن يصمتوا إلى الأبد على الأذى الذي يلحق بهم كل يوم في طعامهم ودوائهم وأرزاقهم وحياتهم بل ودينهم ودنياهم وأخرتهم جراء التقاعس الحكومي و المشاريع التي لا يراد بها وجه الله ولا وجه الوطن فهم مخطئون ، والذين يظنون أن الجميع سيبقى أسير الخوف مخطئون والذين يظنون أن الأردنيين نعاج يمكن أن يسوسهم أيا كان مخطئون والذين يظنون أن الدنيا ستبقى على ما هي عليه وأن المتغيرات التي تركض حولنا وتتسارع بيننا وفي منطقتنا لن تؤثر علينا مخطئون ، والذين يظنون أنهم قادرون على مواصلة النهب والسرقة والسطو على مالا نهاية مخطئون ، والذين يظنون أن بإمكان كل الخراب الموجود أن يظل خرابا مخطئون....
إن الانحرافات التي أصابت جسد الوطن نتيجة تيار الفساد الذي سيطر على مقدراتنا لعقود طويلة لابد أن يتوقف ، وإن الأردني لابد أن ينعم ببضعة أيام من الهدوء والطمأنينة والاكتفاء قبل أن يوارى الثرى ، حق للأردنيين الذين صبروا كل هذه السنين أن يشعروا أن الحكومة لديها النية في أن تفعل شيئا آخر غير رفع المحروقات وزيادة الضرائب والتعيينات لابناء الذوات والمحاسيب ووضع الانسان المناسب في المكان غير المناسب .. .
إن الشعوب لا تلجأ للغلو والتطرف في مواقفها وأفعالها إلا عندما تعجز عن التغيير عبر الوسائل الديمقراطية ، ومن واجب الحكومة أن توفر كل ما يمكن من منابر لتعزيز الديمقراطية وتمكين الناس من قول كلمتها ، لا أن تكون منابر الإعلام الحكومي حصرا على أربعة ، خمسة من المعارف والأصحاب والى الابد يا ... ، ومنابر المساجد ممنوع على الناس التعبير من خلالها ، والمظاهرات ممنوعة ولو حتى للهتاف للحكومة والتجمعات أكثر من خمسة "سلامة تسلمك "ظروف تجلب الشبهة ...، إذا أين يجب أن يمارس الناس حقوقهم في القول وإبداء الرأي ، حتى ساحة الحرية التي بشرنا بها معالي وزير التنمية السياسية " لاحس ولا خبر "، شو القضية يا أخوان ، هل تدفع الحكومة الناس دفعا نحو التطرف والغلو ، وهل يمكن أن تفسر كل هذه الاستفزازات المباشرة وغير المباشرة وهذا التحريض بالقول والفعل والسكوت الحكومي إلا بأنه عامل دفع للناس للتفكير فيما لم يفكروا به على مدى سنوات .
إن نصيب الوعي في الممارسات الحكومية ضعيف جدا ، والأداء العام ليس مبشرا على عكس ماكنت أتوقع في بدايات قدوم الحكومة الحالية وحسبنا الله ونعم الوكيل .
عدنان الروسان
adnanrusan@yahoo.com