في قمة (البريكس) ماذا قال بوتين؟
د.حسام العتوم
19-11-2019 12:08 PM
(البريكس) لمن لا يعرف تجمع اقتصادي عملاق لمجموعة من الدول الكبرى الأسرع نمواً في الاقتصاد في العالم، ولقد ظهرت نواته في اليابان عام 2008، وعقد أول أعماله في روسيا في مدينة (سانتك بيتر بورغ) عام 2009، وضم بداية دولاً كبرى مثل (روسيا، والهند، والصين، والبرازيل)، وأخذ اسم (بريك)، وفقط عند انضمام جنوب إفريقيا للمجموعة الاقتصادية هذه أطلق عليها اسم (بريكس) وهي مجموعة طموحة تنافس بقوة أغنى دول العالم، وتتأمل بالاقتراب من مستواها اعتباراً من عام 2050.
ومن يدقق النظر في موقع (البريكس) الجيوسياسي والاقتصادي، وهي التي تشكل ربع مساحة الأرض، وبعدد من السكان يعادل 40% من القوة البشرية العالمية). لابد له وأن يلاحظ مرور الحرب الباردة من خلاله مادامت روسيا تشكل أهم أركانه، وهي الرافضة ذات الوقف لمثل هكذا حرب تقود باستمرار لسباق سلاح مكلف تدفع فاتورته الشعوب المنخرطة تحت مظلته، وبنيتها التحتية.
وفي (البريكس) يجد الباحث اهتمامات بقضايا الشرق الأوسط، وفي صدارتها القضية الفلسطينية العادلة، والأوضاع في منطقة الخليج، والاتفاق النووي الإيراني، وقراءات لدول العالم السبع الكبرى الصناعية G7 التي تنافسها (البريكس) بقوة، وهي المكونة من (فرنسا، وبريطانيا، وأمريكا). وأينما تعطف أمريكا في المقابل تكون الحرب الباردة حاضرة بطبيعة الحال، وكذلك الأمر بالنسبة لسباق التسلح، ولعل من أهم أسرار أمريكا الاقتصادية خلق الأزمات السياسية، وافتعال الحروب، وإغراق الأسواق بالسلاح الباهض الثمن والذي يصعب استخدامه في الهجوم، بينما تنحصر مهمته في الدفاع، وليس دائماً بنجاح أكيد، وحادثة قصف النفط السعودي الأخيرة المؤسفة بواسطة طائرات مسيرة خير مثال.
وما بإمكاني تسليط الأضواء عليه هنا هو ما قاله رئيس الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين على هامش قمة (البريكس) 2019 في البرازيل، وفي مؤتمره الصحفي، حيث ركز على أن العمل الاقتصادي لا يمكن عزله عن السياسي الدولي، ومن غير المنطق الانغلاق على الذات اقتصادياً، وبأن دولاً عديدة تستطيع دخول تجمع (البريكس) الاقتصادي. وتركيز واضح للرئيس بوتين على اهمية الحوار الروسي الأمريكي بشأن منظومة السلاح النووي، وداخل النادي النووي العالمي نفسه، وهو الذي ليس بإمكان الصين فعل الكثير تجاهه كونها غير محسوبة على الدول النووية العملاقة مثل روسيا وأمريكا تحديداً.
وحول دعوة الرئيس بوتين للرئيس ترامب بحضور مناسبة مرور 75 عاماً على النصر السوفييتي على المانية النازية في الساحة الحمراء في موسكو بتاريخ 9/5 صيف 2020، وبحكم ان امريكا شاركت في الحرب العالمية الثانية1939/1945 الى جانب السوفييت ضد ادولف هتلر وحلفائه، فأن الدعوة الروسية الرئاسية ماثلة ، وتنسجم حسب بوتين مع الجولة الانتخابية الامريكية الثانية التي يزمع ترمب خوضها مجدداً.
وشخصياً اشككك بجاهزية الرئيس الأمريكي ترمب زيارة موسكو وفي مناسبة ساخنة مثل النصر على الفاشية المقبلة بينما هي امريكا انسحبت مبكراً من الاعتراف بالنصر السوفيتي، وذهبت الى تشكيل عالم القطب الواحد المناهض للسوفييت رغم انهيار نظامهم، ولروسيا الصاعدة بجهد الرئيس بوتين مباشرة. وبالأمس فقط وجه البيت الأبيض اتهامات لروسيا في التدخل في الانتخابات الأخيرة التي اوصلت ترمب للسلطة في واشنطن، بينما بذلت موسكو جهوداً كبيرة في دحض اتهامات امريكا واثبات سرابية اقوالها خاصة من دون ادلة دامغة، وخارج جدران المحاكم الدولية المختصة.
وتحدث الرئيس بوتين باستغراب حول سلوك اوكرانيا عبر وزير خارجيتها فاديم بريستيكو، الذي صرح بعزم بلاده الخروج من اتفاقية( مينسك) التي اتفق عليها الجانبان الروسي والاوكراني ،(والمانيا، وفرنسا وبيلاروسيا). في وقت كان فيه بيترو باراشينكا رئيساً لأوكرانيا عام 2014 ، وهي الاتفاقية التي كان من شأنها ان تضبط الامن شرق اوكرانيا، وتحقق السلام بين شرق وغرب اوكرانيا ذات الوقت.
وبالمناسبة ثمة وجه شبه بين سلوك ترمب، وزيلينسكي الرئيس الأوكراني الحالي في موضوع التعامل مع روسيا بوتين في الخارج في المحافل الدولية وعدم تفضيل اللقاءات في موسكو، وكييف، وواشنطن مباشرة.