التضليل أصبح موضة لأنه يخدم أغراضاً شعبوية على طريقة الجمهور عايز كده، فها هم بعض المعلقين يعيدون إنتاجه ليبدوا وعاظاً وحكماء.
يقول أحدهم أن الخصخصة مؤامرة استهدفت تصفية الاْردن ودليله أن الشركات بيعت بملاليم وأخيراً قرر آخر أن الخزينة خسرت مئات الملايين من الدنانير في قضية الكازينو الشهيرة، وثالث اكتشف أن سبب تضخم المديونية هو الفساد بعينه.
مهلاً.. ما هكذا تورد الإبل فليس التضليل ثمنا لكسب الشعبوية سواء من مارسه كان مسؤولاً سابقاً أو حزبياً أو كاتباً أو صحافياً.. ومن يريد أن يدغدغ عواطف الناس ليس له أن يطوع الدين وليست مجاراة الرأي العام هي الطريقة.
اتفاقية الكازينو كان قد تقرر تجميدها قبل البـدء بالتطبيق، ولم تخسـر الدولة فيها قرشا أحمر، ولم يثبت أن مسؤولاً واحداً قد ارتشى.
الموالون لأردوغان في تركيا الإسلامية لا يحرمون وجود الكازينو فيها والمترحمون على حكم «الإخوان» في مصر يعمون عيونهم عن أن الكازينوهات فيها لم تغلق في ظل حكمهم بل جددت تراخيصها فالكازينو في تلك الدول ضرورة اقتصادية وأغراضه نبيلة.
بعض الحكماء بأثر رجعي ينبشون في عمليات التخاصية بزعم أن الشركات بيعت بأرخص الأثمان والغرض هو التفريط بمقدرات البلد والهدف هو جعله ضعيفاً كي يرضخ للضغوط.
لم يلتفت هـؤلاء إلى أن أسـعار أسـهم الشـركات ما كانت سـترتفع لو بقيت تحت إدارة حكوميـة يتداول عليها غير الخبراء وتمنح كهدايا وتنفيعات وجوائز ترضية ولم تكن أسعار أسهمها لترتفع ولا قيمها كذلك لو لا الاستثمارات الضخمة التي ضخت في عروقها، وأن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعارها يعود لحسـن إدارتها، وتطوير أدائها.
مع هذا الكم من الضخ المضلل لسنا بحاجة إلى استطلاع رأي لقياس مزاج الجمهور حول قضية ما، فقد تكفل المضللون ببنائه وتصدى المعلقون لهذه المهمة بالوكالة فها هم يعظون الناس بما يرضيهم.
التخاصية، لم تكن من الأسرار ووزارة المالية كانت تنشر شهرياً التفاصيل الكاملة لعملياتها وأوجه إنفاقها.
هذا ذر للرماد فى العيون وتضليل للرأى العام، بحيث يظل يعتقد أن ثرواته نهبت وأن إقامة كازينو مؤامرة وأن الأزمة الإقتصادية والتي هي جزء من أزمة عالمية هدفها تسويق القبول بالحلول المرفوضة فيصبح في هذه المرحلة من المراهقة السياسية والإعلامية، كل شيء فاسداً ومرفوضاً.
لا أدافع عن الكازينو فهو سيء، لكن هناك ما هو أسوأ وأبلغ ضرراً وهو التضليل ودس السم بالدسم التضليل أصبح موضة، والمعلقون يتبعون الرأي العام وبدلاً من توجيهه يعيدون إنتاج الروايات المحكية ويرسلونها إلى الشارع على شكل مواعظ.
(الرأي)