على الرغم من الحالة الاقتصادية الصعبة والحالة المعيشية الضيقة، وحالة التذمر والانتقاد السائدة ومناخات النقد والتنمر التي ترافق المشهد العام، مازال حال صانع القرار يقول. (محلولة وهينة)، فان ضيق الحال على الاردنيين ليس بالامر الجديد و الحالة الاقليمية السائدة كان الاردن قد تجاوز اكبر منها وغدت من التاريخ ودرجة التذمر التي تخيم على الانطباعات العامة تعودنا عليها واصبحت جزءا من حديثنا اليومي وهذا ما يجعلها دونية التأثير وليست علوية كبيرة الاثر.
وعلى الرغم من ارتفاع مستويات الانتقاد دونما النظر لاماكن الايجاب في المعادلة المعيشية والحياة اليومية عند النظر والتقييم، هذا لان الايجاب يندرج في اطار الامر الطبيعي والعادي الذي قد لا تسلط الاضواء عليه ولا يسجل في الاذهان كما يجب تسجيله ولا يثمن كما يجب تثمينه بينما ما تسلط كشافات الاضواء على ما يتم رصده وتسجيله من اخطاء وينبري الحديث حوله الملابسات والحال، بينما تعلم الاغلبية بصمت عنوان الحقيقة واماكن الايجاب، الا انها بقيت صامتة او غير مفعلة بسبب غياب منصات التوجية الماطرة لبيان الراي، الى ان وصل بنا الحال الى تنامي انطباعات الراي الاخر على تلك الحقائق الساطعة التى يمتلكها الراي وهذا ما اوجد مناخات من عدم الرضى الشعبي وكما ادى الى اتساع في هوة الثقة في ظل اجواء التشكيك والاتهامية المصاحبة للمشهد العام.
وفي وسط مناخات التضاد هذه، كانت دائما تتدفق الحلول الابداعية عبر مشاركة صانع القرار حتى في رسم برنامج المسار الاقتصادي، واتخاذ كل موقف من شانه رفع المعنوية وهذا ما تجلى في عوده هبه وعبدالرحمن من براثن تل ابيب، وتثبيت الحق الاردني.
عبر تحديد الحدود الغربية مع اسرائيل باستعادة الباقوره والغمر، والعمل على مد جسور التوثيق بين الاردن بعمقه العربي من خلال زيارة جلالة الملك للرياض والكويت وايجاد ميزان علاقات يجمع ولا يفرق مع الدوحة الا ان البعض مع كل لحظة انجاز، كان يعود بسيول التشكيك والاتهامية لردم ما تم انجازه فالاذهان، فيعود حال صانع القرار ليقول (محلولة وهينة).
ويعود البعض ليشطط في مواقفه ويقفز فوق حدود اللامحدود، ويبدا البعض في الانتقاد اللاأخلاقي والاستمراء الضمني والتغول الدستوري باسم حرية التعبير، في محاولة منه الى لايجاد دوائر تاثير تقوم الى رسم دوائر اثر عند الراى العام تستند الى الانطباعات الضمنية التى تقوم على اجزاء من المعلومات ولا تقوم على الصور الكلية حيث الحقائق الكاملة للصورة، ويعود حال صانع القرار ليقول (محلولة وهينة).
فاذا ما هدأت مناخات الغبار نتيجة الارهاصات الاقليمية، وانتهت حالة المد والجزر المرافقة، وبانت الامور على ما هي، وانقشع عن عيونهم الغباش وذهب عن ابصارهم الغمام، بتبيان تجليات الحقائق وباتوا يبصرون الانجاز الذي تحقق بالمقارنة مع ما المت به حالة المنطقة وشعوبها من ويلات، عندها سيشهدون شاهدة الحق، وينصفوا بكلمه انصاف ما تم عمله وفعله، بالصبر العميق وقوه التحمل، سيعلمون كيف استطاع الاردن، بحنكة مقرونة بمعرفة وعمل يقوم على الاستشراف من تجنيب الاردن من ويلات كثيرة، من خلال سياسية السهل الممتنع التى يقوم عنوانها الشعبي على عبارة (محلولة وهينة).
وعلى الرغم من كل الشدائد الذاتية والضغوط الموضوعية، بقي صانع القرار يكظم الغيظ، من اجل الاردن وحرية التعبير، ومن اجل الوطن ومنجزاته، يتنظر لحظه التغيير ليقوم بفرض ايقاع جديد ضمن خطوط تستجيب للمتغير في لحظته حتى يتم تحويل المنعطف فيها الى منطلق في التوقيت الملائم في اللحظة السياسية الدقيقة، والى حين تلك اللحظة، سيبقى حال صانع القرار يقول (محلولة وهينة).
(الدستور)