.. وانفرجت اسارير الوجوه ، وافترت الشفاه عن ابتسامات عملاقة أفسدها الإفراط في التدخين ، وحصل الراغبون في ترشيح أنفسهم على أجازات طارئة لزيارة مناطقهم الانتخابية التي لم يدوسوا ترابها منذ اشهر ، وبدأت كرنفالات لغمطة الوجوه والتبويس ع الطالعة ، والنازلة ، ولم يأبه المرشحون بتحذيرات وزارة الصحة في منع التقبيل للحد من انتشار انفلونزا الخنازير ، لا بل قاموا بتوزيع الهايجين والمطهرات على الناس مجانا ، ووضعوا مطربانات المطهرات على ابواب مقارهم الانتخابية للتمسيح عند الدخول والخروج. ، وسوف يسعد الواقفون على الطرقات بانتظار الباصات بسيارات فخمة تتوقف وتحملهم إلى مناطقهم آمنين مكندشين ... ببساطة .. انطلق ماراثون النفاق العام الذي يشارك فيه معظم المرشحين وأنصارهم والمتكسبين من حولهم.
سوف يكتشف بسطاء الناس ان هناك من يشاركهم معاناتهم وأفكارهم العبقرية في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحلية والعالمية بما فيها مفاعل بوشهر الإيراني وترقيع الأوزون ، وإن هناك من (نذروا) أنفسهم وسوف يهبون الغالي والنفيس في سبيل تحقيق أحلام البسطاء وتوظيفهم ونغنغتهم.
من الان فصاعدا تكبر الجنازات ويكثر المعزون ، وتتناثر شوالات الارز والسكر على أبواب بيوت العزاء( رغم الغلاء الفاحش) ، اليوم تتحول الأفراح إلى كرنفالات يشارك فيها حتى غير المدعوين ، وتتكرر الدعوات على المآدب والولائم ، ويصير بالامكان ما لم يكن ممكنا ، ويتم ترويض المطالب بالوعود المطنطنة حال وصول سعادة النائب الجديد إلى قبة البرلمان.
اليوم يبدأ التنافس والصداقات المصلحية والعداوات الصامتة بين المرشحين وأنصارهم من العشيرة ، اليوم يكتشف المهاجر إلى عمان انه ابن بلد ، وان عمان مجرد منفى وان عليه أن يعمل بجهد وبلا ضمير ليصل ابن بلده وقريبه أو صديقه إلى قبة البرلمان.
نحن شعوب الذاكرة المثقوبة ، نحن من نلدغ من الجحر الواحد آلاف المرات ، نحن الذين نأكل (خمسين كفا) على غفلة منا. سوف نقع في الأخطاء ذاتها ، ثم نشرع في التبرم من النواب ونتهمهم بأنهم قد (باقوا) بنا. وننسى أننا نحن من صنعهم وأوصلهم إلى قبة البرلمان....وانهم النتيجة وليس السبب في انحدار الحياة البرلمانية .
= ننسى أننا انتخبنا ابن العشيرة على حساب الأكثر كفاءة ، ولم نفضل عليه سوى من دفع اكثر،،
= ننسى أننا انتخبنا من وعدنا بحل مشاكلنا الشخصية على حساب الوطن،،
= ننسى أننا اشتغلنا على قاعدة (اطعم الثم بتستحي العين والصوت) وراحت على المرشح الصادق الذي لم يقم الولائم ولم يتملقنا( ان وجد اصلا مثل هذا المرشح)،،
= ننسى أننا نحن وليس غيرنا من أجرم بحق نفسه ووطنه،،.
في ظل عدم وجود برامج سياسية واضحة وقوية وصادقة ننتخب على أساسها ، هذا ما كان وهذا ما سوف يكون.
ghishan@gmail.com
الدستور