عون "بيّ" باسيل .. الذي خسر الكل!
رجا طلب
15-11-2019 06:01 PM
لا أعلم طبيعة الحالة الصحية للرئيس ميشيل عون، فهو رجل في منتصف العقد الثامن من العمر ومن الواضح أنه يعاني من مشكلات صحية كثيرة. رأيته عن قرب في القمة العربية في البحر الميت بالأردن وسألت بعض الزملاء اللبنانيين الذين حضروا القمة عن مدى أهليته بعدما شاهدته غير قادر على المشي إلا أن الجواب جاء بعد أقل من ساعتين عندما تعثر خلال محاولة صعوده إلى المنصة خارج القاعة الرئيسية للقمة لالتقاط الصورة التذكارية للزعماء وسقط سقطة قوية سُمع صداها مدوياً في ارجاء المكان الهادئ على ضفة البحر الميت الشرقية، وفي لحظة سكون وقورة أربكت المشهد بعامة والقادة الحضور وحراسهم خصوصاً، وكادت أن تكون القاضية لرجل بعمره لولا حماية الله ولطفه.
في الجلسة الافتتاحية للقمة وخلال إلقاء الكلمات لفت انتباهي أن الرئيس عون ليس على ما يرام حيث كان في معظم الوقت إما نائماً أو غافياً أو مشتت التركيز والتفكير. وفي الغداء الرسمي الذي أقامه الملك عبد الله الثاني للمشاركين في القمة استعاد الرئيس عون بعضاً من الحيوية التي كان يتطلبها الموقف وتتطلبها الحالة، ولكن كان واضحاً أنه لم يعد "الجنرال عون"، صاحب العنفوان الذي خاض الحروب مع الكل من أجل "الجنرال عون" ومن أجل الوصول للرئاسة، وأن سقطته على منصة الصورة التذكارية كانت مجرد واحدة من سقطات كثيرة عاشها أو ارتكبها الرجل .
ما جعلني أستعيد هذا المشهد برمته هي طريقة الرئيس عون في التعاطي مع الحراك الشعبي اللبناني المشتعل في الشارع منذ شهر تقريباً حيث أطل "الجنرال" مرتين، في الأولى تأخر بث تصريحاته المسجلة لأكثر من ساعة وكان من الواضح أن الإطلالة لم تكن مسجلة فحسب، بل كان "ممنتجة"، أما في الثانية، وهي "القصة"، مع الإعلاميين سامي كليب ونقولا ناصيف ورغم الاتفاق معه على الأسئلة ولربما على بعض الاجابات، خرج العماد عون عن أبسط محددات "أب الكل" او باللبناني "بي الكل" وتكلم بلغة ومصطلحات استفزت عموم الشارع اللبناني وحراكه وتحديداً في المفاصل التالية:
المفصل الأول: عندما علق على رأي الحراكيين بالسلطة، واستهجن أن أهل الحراك لا يرون أن هناك من يمثلهم، فكانت قنبلته المدوية بدعوتهم للهجرة بقوله "يروحوا يهاجروا"!
المفصل الثاني: عندما تساءل خلال اللقاء عن مطالب الثائرين وأظهر نوعاً من الانفصام عن الواقع وعن طبيعة المطالب الشعبية.
المفصل الثالث: "قدسية باسيل"، فقد أجاب الجنرال وبعصبية على السؤال بشأن الوزير جبران باسيل، وهل سيكون في الحكومة القادمة أم لا، وقتها قال عون: "للوزير باسيل الحرية الكاملة في أن يكون في أي حكومة قادمة أو لا يكون".
واعتقد أن هذه الإجابة أفقدت رئيس العهد مصداقيته وأكدت أن الرئيس عون هو "أب لباسيل" وليس لكل اللبنانيين وهو ما دفع الشارع اللبناني للغضب وللتلفظ ضد باسيل والرئيس عون بعبارات وهتافات مؤذية.
المفصل الرابع: "قدسية حزب الله"، وهو المفصل الاخطر، فقد اعتبر عون أن حزب الله يمثل ثلث الشعب اللبناني وأنه لا يمكن أن يخرج حزب الله من إطار الشرعية اللبنانية.
أثبتت الثورة اللبنانية أن الجنرال عون ضد الشارع اللبناني وليس "أباه"، وأنه تبنى جبران باسيل ابناً له وهو مشروعه الاستراتيجي.