عبر عقود مضت، منذ مطالع وعينا ونشأتنا، وكغيري أسمع أن البلد خربانة، وأنها على كف عفريت! أسمعها وأقرئها من أطياف عدة، واحدة محسوبة على المعارضة، وأخرى محسوبة على مؤسسات الدولة الرسمية، وزراء سابقون ورؤساء حكومات، كتابٌ وصحفيون، محللون وأكاديميون، غريب أمر هذه الفزاعة، فإذا كانت تصدر عن حسن نية فتقديرها غير دقيق، وإن كانت غير ذلك فهذا الأخطر، فهي تعيق أي أمل بالإصلاح والتغيير،. وتخلخل إستقرار المجتمع حين يشعر الجميع أن دولتهم مهددة بإستقرارها.
ما زالت البلد ماشية أمورها، صحيح أن أوضاعها ليست عال العال، صحيح أن الفساد يستشري، صحيح أن أزمات المنطقة أكبر من أن يحتملها أحد، وغير هذا كثير، لكن الأردن إحتمل كل ذلك، وخرج من تلك الأزمات دولةً لا تزال تحافظ على مؤسساتها ومجتمعها، فلمصلحة من يجري الترويج للنظرة السودادية؟! فهل بريق الميكروفون وضوضاء المنابر والمحطات الفضائية أهم من بلدنا؟!
كل ما يمكن قوله، أو ما يمكن نقده للأداء الرسمي، يجب أن يتوقف عنده أصحاب القرار وعليهم طرح البدائل والمخارج، ويجب إعادة بسياساتها التنموية عموماً، لابد من رؤية تخرجه من مشكلاته الاقتصادية، وخاصة الاستثمار والعمل على حل البطالة، كل ذلك يحصن المجتمع والدولة من أية أجندات تسعى لخلهلة إستقرارها.
أيها السادة: البلد مش خربانه، فيها عناصر قوة يراهن عليها، وكل فرد في المجتمع له دور ومهام وواجبات وحقوق، والأمن مسؤولية الجميع، أما توزيع الاتهامات وتراشقها بين أطراف وقوى يدل على أن النخبة السياسية بكل أطيافها والوانها تعمق الأزمة وتخلقها. نريد خطاب واعياً، علينا ان نصل إلى توافق وطني، فهل من ميثاق وطني نصل فيه الى أفق أرحب ويجيب على تساؤلات كثيرة وفيه يتم تحديد مفهوم الولاية العامة في إطار دولة القانون والمؤسسات وفي اطار الثوابت الاردنية التي يجمع حولها الأردنيون جميعاً.