أما وقد أصبح مشروع الباص سريع التردد واقعا, لكننا لا ندعي الحكمة بأثر رجعي فقد تحمسنا له عندما طرح قبل أكثر من عشر سنوات وعندما كان فكرة على الورق عام 1995 لكن عدنا لنكتب ضده لأنه تأخر لأننا نعتقد أنه لا يناسب العاصمة وأن أثره السلبي سيكون أكثر من حسناته إن كان له من حسنات.
أول هذه الأثار السلبية رافقت عمليات الإنشاء وهي طول فترات إغلاق الطرق فما من عاصمة في الدنيا شهدت إغلاقات طرق كاملة ولفترات زمنية طويلة كما فعل هذا المشروع, لكن هل ستنتهي الاختناقات المرورية بعد إنجازه؟.. إذا كانت الطرق ضيقة أصلا فكيف سيكون عليه حالها مع تضييقها أكثر بسبب الحيز المبالغ فيه لمسارات الحافلات.
هل كان الأمر يحتاج الى حفر وحواجز إسمنتية وجسور أم أنه كان بالإمكان إزالة الجزر الوسطية والإكتفاء بالخطوط لتحديد مسار الحافلات حصرا لها على أن تكون غرامة السير داخل حدودها أو تجاوزها لغير الحافلات غرامة كبيرة, كما هو معمول به في كل مدن الدنيا؟.
تسببت وستتسبب فترات إغلاق الطرق بخسائر فادحة للتجار والمنشآت الصناعية والسياحية, وقد بدأنا نرى يافطات «للبيع» تعلق على واجهات المحال التجارية على امتداد الطرق المغلقة أو تلك التي ستغلق, بينما مبدأ التعويض إن وجد بالكاد يكفي, ويبدو أن المسؤولين عن تنفيذ هذا المشروع لا تعنيهم هذه الإعتبارات فقرار الإغلاق يتخذ بجرة قلم أما ما يثير الدهشة فهو التزام المقاولين بالعمل حسب ساعات العمل الرسمي بمعنى التوقف مع انتهاء دوام القطاع العام مع مراعاة العطلة الأسبوعية ليومي الجمعة والسبت, وفي ذلك هدر كبير ليس للوقت فقط بل لمصالح الناس, مع أن المفروض في مشروع كهذا وفي قلب العاصمة أن يستمر العمل على 24 على 24.
أما البعد الاقتصادي فهو يتمثل بالأسئلة التالية:-
هل المشروع قادر على توليد سيولة تكفي لتسديد أقساط وفوائد قروض إنشائه وديمومة تشغيله؟.
هل شهدنا نجاحا لتجارب شركات باصات قطاع تستحق تعميم الفكرة أو تكرارها؟
هل يستحق المشروع هذا التشويه لصورة عمان لتصبح مدينة قبيحة؟.. يكشف هذا المشروع المتأخر ضيق أفق المخططين لعمان إذ كان يفترض أن يقوم قبل خمسة عقود بالتزامن مع التخطيط للشوارع وما أعرفه هو أن الطرق التي سيمر منها هي طرق حديثة البناء.
هل أكدت الدراسات أن المواطنين سوف يتخلون عن سياراتهم ليستعملوا الباص السريع؟ هل يجب أن نخطئ لنتعلم ولا نكترث للثمن؟.
(الرأي)