لم يكن العاشرمن سبتمبتر لهذا العام يوم عادي في عمر الدولة الأردنية ، بل كان مفارقة تاريخية ، يوم يستحق أن يؤرخ ، يوم الاستقلال التام و الفخار ، يوم كسرنا به شوكة العدو الإسرائيلي و الكيان المحتل ، للمرة الأولى في تاريخ العرب ينجح رهان القائد وتضفر دبلوماسيته و عقلانيته بأن يعلن سيادته المطلقة على كامل أراضي المملكة من شمالها حتى جنوبها ، بكامل حدودها السياسية و الجغرافية و ذلك بعد إعادة رفع الراية الأردنية فوق أراضي الباقورة والغمر .
العالم والامة العربية باركت الجهود الملكية وأعتبروه نصرا و حدثا تاريخيا ، الى أن بدأ المطبلون و عرابي وادي عربة و اتفاقية السلام المشؤومة بــــ النعق و التخريب و تقزيم النصر الوطني ، وبدأ خطاب التشكيك و التخوين يطفو على السطح ،ضمن تأكيدات باهتة ببهت شخصياتهم ، و ماقتة سوداء من حقد قلوبهم ، فقد بانت النوايا و سوء السوايا ، والى هنا خرجوا من عباءة الوطن لعباءة المعارضة ، فقد أنتهى التنفيع و المصالح .
من المعيب أن أبناء جلدتنا ، الذين خرجوا من الوطن و على أكتافه ، و لمعوا بوصفهم " شخصيات وطنية " و طالما أشرنا اليهم بوصفهم رموز ، أن يجلدوا الوطن و يقفزوا من المنجز الى الإحباط ، وكأن الحدث غصة في قلوبهم ، وويل على رؤوسهم ، و يبدو أن عيونهم قد كسرها العدو ، فخجلت كلماتهم و حارت تعبيراتهم في أن الأراضي لليهود ولن تعود لنا ، ورغم عن أنوفكم عادت .
و علينا أن نكون أكثر وعيا ، و نحطم الأصنام و نحاسبهم حسابا عسيرا ، فأنتم من بعتم الوطن من أجل مصالحكم ، أنتم من وقعتم و تبنيتم التبرير و التمرير للسلام و غيرها ، أنتم السبب فيما نحن فيه ، الأن بعد أن تخمت جيوبكم بانت عيوبكم .
الرهان على وعينا ، وولائنا لقائدنا ، و رهاننا الذي لا يلين ولا يخسر ، بأن قائدنا بحجم الوطن ورجالته ، وكما قال الوطن بأكمله في عنقه ، و الوطن يبادله الوفاء بالوفاء و يردد بكل يقين و سنظل نشد بك الهمة، الماضي قد طوى صفحته المأساوية جلالة الملك ، و اليوم علينا أن نواصل مسيرة النهوض و العطاء ، وأن نكف عن تداول اللغط أو التحريض، و يكفينا فخر أن العالم أجمع على أن الأردن رغم إمكانياته المحدودة كسر شوكة الإحتلال .