مرة أخرى هناك من يستدعي تقرير لجنة تقييم الخصخصة ليكون منصة للهجوم وربما إحراج رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الذي كان في حينه رئيساً للجنة.
أسهل ما يمكن أن يفعله نقاد الخصخصة هو نبش الماضي وانتقاء الفجوات لكن التدقيق في الإيجابيات ليست من مهماتهم، فما يفعلونه هو إعادة إنتاج التهم التي وجهت إلى البرنامج في حينه مثل أن الشركات بيعت بـ «تراب المصاري» بينما يغفلون النتائج وحجم الاستثمار الضخم، وفرص العمل، وجودة السلع أو الخدمة، وسعر المستهلك، وإيرادات الخزينة التي تجاوزت في كثير من الشركات المخصخصة أرباح المستثمرين وهنا أدعو الشركات لأن تعلن بوضوح عن حجم الاستثمارات التي ضخت في عروق الشركات ما رفع قيمة أسهمها وأصولها وهي التي لم تقفز في الفراغ.
ليس صحيحاً أن الخصخصة حديثة أو أنها تخص حقبة محددة، ومن يتذكر فهي قد بدأت بعد سنة واحدة من أزمة عام 89 وشهد البرنامج في بدايته خلال تلك الفترة خصخصة لأهم مؤسسات القطاع العام وأكبرها، الكهرباء والاتصالات الأردنية، كان ذلك في ظل أكثر مجالس النواب قوة وتشدداً كما تصفه الأغلبية اليوم، إشارة إلى تمثيله لكل القوى بما فيها الإسلامية من ناحية ومن ناحية ثانية لأنها السنة التي تلت أزمة اقتصادية خانقة وشهدت ما شهدت من اتهامات، ومعارك، فما أشبه اليوم بالبارحة.
ما هي الحكمة من إعادة فتح موضوع سبق أن ُعولج بكثرة إلا لشن حملة جديدة على عمليات تمت قبل سنوات إلا أن تكون فرصة سانحة للبحث عن شعبية!.
لا ندعي أن جميع عمليات التخاصية خالية من العيوب والاخطاء أو حتى علامات الاستفهام، فهذا متوقع في عمليات معقدة باب الاجتهاد فيها واسع، لكنه لا يرقى إلى الفساد.
التخاصية ضرورة بينما المطالبة بالتأميم وتضخم القطاع العام هو السير بعكس عقارب الساعة لأن الحكومة لا تملك المال للاستثمار ولا لإدارة الشركات وهي لم تكن تملكه لتطوير الشركات قبل الخصخصة فساءت ماليتها وتردت إداراتها. السؤال الأهم هو ما إذا كانت التخاصية قد نجحت بتحقيق فوائد للاقتصاد الأردني أم أنها فشلت وتسببت بالضرر؟
الإجابة هي في أرباح الشركات وعدد فرص العمل التي إستحدثتها وحجم الاستثمار فيها والتكاليف والخدمات والمنافسة والعائدات التي تحققها للخزينة..
ومع ذلك، الحكومة ما زالت مالكاً رئيسياً في الشركات ولها حصص مؤثرة تمنحها نفوذاً كبيراً وعوائد أكبر مما كانت تحققها عندما كانت مملوكة لها بالكامل.
(الرأي)