ما من تعديل وزاري يلقى ترحيبا من المتابعين والنشطاء وحتى عامة الناس.التعديل الوزاري في الأردن مرغوب قبل أن يحصل ومذموم بعد حدوثه، لأن قلة قليلة تنال نصيبها من التعديل فيما أغلبية الطامحين تخرج من السباق.آلية تشكيل الحكومات الأردنية تفرض هذه الحال. وكان لافتا في هذا التعديل اهتمام المتابعين بالوزراء المستقيلين أكثر من القادمين الجدد.
لكن في كل تعديل هناك نقطة ضعف،تتحول عنوانا للهجوم على الحكومة والتشكيلة الجديدة برمتها.وفي التعديل الأخير على حكومة الرزاز، كان الجانب الأكبر من النقد من نصيب وزير النقل الجديد خالد سيف،نظرا لسيرته المشوشة في القطاع وخبرته المحدودة.
مهما تكن الظروف والاعتبارات التي حكمت التعديل وانتهت إلى هذه النتيجة، يبقى ماهو أهم من الأسماء،وأعني المرحلة المقبلة واستحقاقاتها.
التعديل الوزاري جاء متزامنا مع افتتاح الدورة البرلمانية الأخيرة لمجلس الأمة، وخطاب العرش السامي الذي وضع الحكومة أمام مسؤوليات ثقيلة، كما ترافق مع بدء تطبيق حزمة من الإجراءات الاقتصادية لتحريك عجلة النمو، وخطوات أخرى مقبلة في نفس الاتجاه، تعول عليها الدولة بكل مؤسساتها لتحسين الواقع المعيشي للمواطنين،وخلق المزيد من فرص العمل،وتحفيز البيئة الاستثمارية في المملكة.
بهذا المعنى، ليس أمام الوزراء الجدد وقت طويل للتكيف مع بيئة العمل الحكومية، إذ يتعين عليهم الدخول فورا إلى غرف العمليات، ومجاراة الفريق الوزاري في الخطوات التي قطعها، والاندماج في العملية الاصلاحية الجارية على اكثر من صعيد.
بعض الوزراء الجدد كوزير المالية مثلا، لم يكن بعيدا عن غرفة العمليات،عندما كان وزيرا للتخطيط،ويستطيع أن ينخرط بسرعة مع فريق عمل الوزارة في إعداد مشروع الموازنة العامة تمهيدا لعرضه على مجلس الأمة مع نهاية الشهر الحالي.بينما يتعين على خليفته في “التخطيط” أن يسابق الزمن للإمساك بملفات الوزارة التي تدير المنح والمساعدات الخارجية وتتولى إدارة العلاقة الاقتصادية للأردن مع العالم الخارجي،وتنسيق البرامج الاصلاحية مع المؤسسات النقدية العالمية كصندوق النقد والبنك الدولي.
الوقت المتاح قصير جدا؛الوزير في العادة يحتاج لشهرين للوقوف على أعمال وزارته، والتعرف على كوادرها، لكن شهرين في عمر الحكومة الحالية يعادل ثلث الفترة المتبقية أمامها، هذا إذا سلمنا بالتقليد السياسي الأردني الذي يقضي بحل البرلمان مع انتهاء دورته الأخيرة واستقالة الحكومة التي تنسب بحله بعد أسبوع على صدور القرار.
كانت مهمات إدارة الحكومة قبل التعديل موزعة بين رئيس الوزراء ونائبه، لكن بعد التعديل ألغي منصب النائب، وبات الحمل كله على عاتق رئيس الوزراء، الذي يتوجب عليه حاليا قيادة الفريق بتشكيلته الجديدة وضمان اندماج الوزراء الجدد بسرعة في الحكومة، والتأكد من عدم وجود تباينات في المواقف كما كان الحال قبل التعديل،أي خلق الانسجام المطلوب للعمل بروح الفريق الواحد،لأن المرحلة الحالية لاتحتمل أي مناكفات وصراعات داخلية، وتستدعي امتثالا تاما للتوجيهات الملكية،والتزاما ببرنامج العمل المقرر. وللتغلب على هذا التحدي بسهولة،ليس أمام الوزراء الجدد من خيار سوى متابعة العمل الذي سبقهم إليه الوزراء المستقيلون، عوضا عن نسف المنجز السابق والبدء من نقطة الصفر كما كان يحصل في تعديلات وزارية سابقة.
(الغد)