خطيئة اهمال المجتمع المدني ومؤسساته
د. اسامة تليلان
11-11-2019 02:06 AM
الواقع الجديد الذي تشهده المنطقة والأردن منذ عام 2010 من حيث انتشار الحراكات الشعبية وتنامي حالة المعارضة الشعبية غير المؤطرة بطريقة عشوائية وشديدة السيولة، أكد بصورة قاطعة على عدم دقة الفكرة التي كانت تمارس من خلالها السلطات السياسية في الدول العربية محاولة السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني واضعافها واخضاعها بطريقة افقدتها مضامينها الحقيقية وادوارها الاساسية في ضبط المطالب والتعبير عنها ، وبالتالي حفظ النظام والاستقرار في إطار قواعد تحتكم لها كافة الاطراف ويعترف من خلالها بدور هذه المؤسسات.
لقد أدت المبالغة في الخشية من هذه المؤسسات وما ترتب عليها من اجراءات وقيود الى نتيجة انه أصبح على مؤسسات المجتمع المدني أن تعمل بحرص شديد حتى تحتفظ ببقائها وتتجنب تعرضها للإهمال او ان تكون في منافسة غير متكافئة او منصفة في معظم الاحوال مع المؤسسات الرسمية التي تديرها الدولة.
بالمقابل لا يوجد ما هو أخطر من تحدي وجود دولة بلا مؤسسات مجتمع مدني فاعلة تحوز ثقة المجتمع ويدور في فلكها ويزداد ذلك تأثيرا مع تراجع اقتصادات الدول وتحولها الى اشكال جديدة، لان استمرار بقاء هذه المؤسسات ضعيفة مع استمرار محاولات السيطرة عليها وابعادها عن ادوارها الحقيقية سيبقى يشكل أحد أبرز التحديات والتهديدات التي تواجه استقرار اي دولة.
أن عدم انخراط الشباب وفئات المجتمع الأخرى بالأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية الاخرى او مناصرتهم لها وخروجهم الى الشارع ومحاولة بناء حراكات سياسية ومطلبية غير مؤطرة جاء بعد تراكم القناعة بان مؤسسات المجتمع المدني وفي المقدمة منها الأحزاب السياسية قد فقدت او افقدت اعتبارها وإنها غدت بفعل ما سبق ذكره ليست أكثر من تابع في فلك السلطات التنفيذية او النظر اليها على اعتبار انها مؤسسات عديمة الجدوى.
وفي الحالة الأردنية فانه ما من سبيل او معادلة أفضل أكثر من السير بخطى جوهرية واساسية تجاه بناء مجتمع مدني معرفي ديمقراطي يستند الى مؤسسات مدنية فاعلة وفي مقدمتها الأحزاب السياسية والمضي في بناء دولة تستند الى مبادئ سيادة القانون والمواطنة ومبادئ الحاكمية الرشيدة.