أملُ كل الأردنيين أن يرَوا رئيس وزرائهم يجلس على كرسيه بانتخابات كما هي الأمم المتقدمة، ليكون له الولايةُ العامة غير منقوصة، تلك طبيعة الحياة الديمقراطية إن أردناها كاملة، لكننا لا نعلم كيف يؤتى بهم، ولا ندري عن برامجهم السياسية والاقتصادية شيئا فلا رؤية فكرية برامجية واضحة معلنة ولا مشروعية شعبية رافعة، وإذا كان الأمر كذلك وهو كذلك فإن حتمية النتاج فشلٌ واقعي مضاعف، هل سمعتم أو رأيتم رئيسا ناجحا غير وصفي التل؟!؛ لأن وصفي اكتسب شرعية شعبية قبل المنصب وبعده؛ لأن وجعه هو وجع الأردنيين ولأن قلبه ينبض وطنية أردنية عروبية خالصتين؛ ولأنه لم يجلس على كرسي قطني ناعمٍ محنطًا مكتوفًا.
تصوروا رئيس وزراء منتخبًا، فلن يعين وزراءه حسب صداقة انتفاعية أو ضيق أفق أو ما يملى عليه. يُزْعَم في المأثورات أنه إذا أراد هذا الرئيس تعيين أمين عام أو موظف في منصب وظيفي رفيع في الدولة، فتكون الإجراءات: يطلب تقديم السيرة الذاتية ويعقبها مقابلات وتمحيص دقيق حتى يكون الاختيار لمن يستحق، (هذا في بعض الوظائف العليا) وأما لاختيار وزير فلا يشترط سير ذاتية ولا تدقيق ولا تمحيص، فخلال ساعات معدودة يكون الاسم معقودا على نواصيهم، فبعض الوزراء ليس عنده سيرة ذاتية أصلا، حتى ليصبح الحليم حيرانَ، وزراء عابرون للزمن مع فشل مختوم على عملهم من قبلُ، وزراء مُدَوَّرُون غصبًا عن آلات النقد والجرح والتعديل، وزراء بلا رؤى إصلاحية، وزراء حتى بلا فلسفات ليبرارية، أو تاريخ وظيفي، أو تخصص علمي وكأننا في مَيْسر جاهلي محْض، هاتهِ يا غلامُ وأعطهِ كرسيا ولقبًا، في أي مطابخ السياسة يُختار وزراءُ الوطن! حتى لم يعد للجغرافيا والتاريخ والمناسف أدوار في الترجيح على الأقل، فهل هذا وطن أم دكانٌ للعابرين. حينما يكون رئيس الوزراء من عظام رقبة الوطن ومن رحمه وأحشائه ونفحه ولفحه ووجعه وفقره يكون ثمة وطن مُقْمِرٌ يحنو على أبنائه، وبئست الليبرالية على أيدٍ مرتجفة أينما تُوَجَّهُ لا تأتي بخير حينما تضيق أخلاق الرجال ولا يبقى في المَحْبَرة إلا الصدأ والصديد.