ما أجملك أيتها الأرض وما أبهاك ما أتم امتثالك وأنبل خضوعك للشمس لا للاحتلال، الباقورة والغمر ما أعذب أغاني فجرك وما أهول تهاليل مساءكم ما أكملك أيتها الأرض وما أسناك.

لقد سار شعبك الأردني في سيولك وصعدوا على جبالك وهبطوا على أوديتك وتسلقوا صخوركم فعرف الشعب حلمكم في السهل فأنت أنت المنبسطة بقوتها المتعالية بتواضعها المنخفضة بعلوها اللينة بصلابتها الواضحة بأسرارها ومكنوناتها الباقورة والغمر.

إن الدهور تترنم بين أشجارك وهضابك يا غمر والحياة تناجي الحياة في شعبك الأردني فأنت أيتها الغمر أنت لسان الأبدية وشفاهها واوتار الدهور وأصابعها وفكرة الحياة وبيانها يا أرض الباقورة والغمر لقد أيقظني ربيعك وسيرني إلى حقولك حيث تتصاعد انفاسكم بخوراً وأجلسني صيفك في حقولك حيث يتجوهر إجهادك أثماراً واوقفني خريفك في كرومك حيث يسيل دمك طهراً وقادني شتاؤك إلى مضجعك حيث يتناثرطهرك ثلجاً فأنتم أنتم العطرة بربيعها الجوادة بصيفها الفياضة بخريفها النقية بشتائها يا أرض الباقورة والغمر.

لقد ألفيتك شاخصة بالكواكب وهي تبتسم لك فنزعت عني قيودي وأثقالي وعلمت أيتها الأرض الأردنية أن منزل النفس فضاؤك وسلامتها في سلامتك وسعادتها في الغبار الذهبي الذي تنثره النجوم على جسدك.

فخرج الشعب ليراك فوجدك جبارة هائلة مسلحة بالعاصفة تحاربين ماضيك بحاضرك وتصرعين قديمك بجديدك ومن لا يمزق بثوراته ما يلي من أوراقه يفنى خمولاً ومن لا يكفن بنسيان ما مات من ماضيه كان هو كفنا لمأتي الماضي - ما أكرمك أيتها الأرض وما أطول أناتك نحن نهجع ولا نحلم وأنت تحلمين في سهرك السرمدي يا أرض الغمر نحن نكلم صدرك بالسيوف وأنت تغمرين كلومنا بالزيت والبلسم يا أرض الباقورة يغسلون وجهك بالدم وأنت تملئين بيادرنا الأغمار ومعاصرنا بالعناقيد. أقطره من الدم في عروق جبار الجبابرة أم أنت قطرة من العرق على جبينه؟

يا أرض الباقورة والغمر أنتم بصري وبصيرتي أنتم عاقلتي وخيالي وأحلامي أنتم جوعي وعطشي أنتم المي وسروري أنتم غفلتي وانتباهي أنتم الجمال في عيني والشوق في قلبي والخلود في روحي.
أنت أيتها الأرض الباقورة والغمر فلو لم أكن لما كنتِ.