حادثة طعن مجموعة من السياح في جرش التي ارتكبت قبل أيام بكل ما فيها من مشاهد الحزن وتفاصيل الأسى والتي تنتهك قواعد اللباقة و أصول الضيافة الأردنية، وبالرغم ما في الحادثة النكراء من ألم فتبقى البطولات التي قدمها فرسان الأمن العام وتحديدا مرتبات الشرطة السياحية تجعل دوما للأبطال متسعا من الكلمات ليدونوا بفخر ما تبقى من سطور أخيرة تروي قصص المجد والشجاعة والبطولة.
تلك الطعنات الغادرة كان بالإمكان أن تكون مميتة وقاتله لو انفرد المجرم بالضحايا، غير أن يقظة وشجاعة عناصر الشرطة المرافقة للسياح خففت من الخسارة الكبيرة التي يمكن أن تكون مضاعفة وأعمق أثرا بخصوص صورة الأردن في الإعلام الدولي. فقد تشارك أفراد من الأمن العام مع ضيوف الأردن الآم الطعن ووخزات النكران. اثنان من رجال الأمن أصيبوا بطعنات استدعت تدخلا جراحيا فوريا، طعنات انغمست في أجسادهم وهم يحمون ضيوف الأردن ويحولون دون تمكين المجرم من قتل الأبرياء.
خسئ وخاب من كان يظن انه سيهز المنظومة الأمنية بعمل خسيس وجبان، خسئ وخاب من كان يراهن انه قادر على سرقة فرحة الأردنيين بإطلاق سراح هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي من السجون الإسرائيلية بجهود كبيرة بذلتها القيادة الأردنية. فبقدر الأسى الذي عشناه في حادثة الطعن كانت فرحتنا اكبر ونحن نستقبل أبنائنا بالورود، والزغاريد، والأهازيج.
كانت ردة فعل الأردنيين الرسمية والشعبية والذين استنكروا وبقوة هذا العمل الجبان هو اكبر رد على المتربصين بأمنه واستقراره. فقد عجت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية بكل أنواع التنديد والشجب لهذا العمل الإجرامي، واظهروا التفافا اكبر حول القيادة الهاشمية و دعما غير مسبوق للأجهزة الأمنية، هي ردة فعل جاءت تصويتا بالإجماع على ان امن الأردن واستقراره مقدم على أي أولوية أخرى في حياة الأردنيين.
الواهمون انتظروا أن تكون هذه الحادثة النافذه التي تهتز الثقة بالأردن، وان تصدر سفارات دول صديقة وشقيقة بيانات تحذير لرعاياها في الأردن، فإذا بهذه السفارات تصدر بيانات وتصريحات صحفية تدافع عن الأردن لا بل أكثر اعتبرت حادث جرش عمل "فردي"، وأعلنت ثقتها بإجراءات الأردن في معالجة الحادثه وبالاستقرار الأمني الذي يتمتع به الأردن في المنطقة.
في الوقت الذي كانت الأجهزة الأمنية تتعامل باحتراف في حادثة جرش، كانت ثلاثة بواخر عملاقة ترسو في ميناء العقبة يوم الخميس الماضي وتحمل 2244 سائحا من مختلف الجنسيات العالمية للاستمتاع بمناطق وادي رم والبتراء والعقبة. هذه الحركة السياحية النشطة ما هي إلا إشارة واضحة الدلالة لحجم الثقة التي يتمتع بها الأردن من زواره و الاطمئنان التام لاستقرار منظومته الأمنية.
مرة أخرى هو حالم من يظن ان الأمن في الأردن مهزوزا، فالمنظومة الأمنية اختبرت فعاليتها بنجاح خلال ثمان سنوات مما يسمى الربيع العربي. فقد دخلت الأجهزة الأمنية بأوسع عملية اشتباك حضاري مع عشرات المئات من الأحداث والفعاليات والمسيرات والمظاهرات وكل أشكال التعبير السياسي ، كل ذلك تم تزامنا مع ظروف ضاغطة على الأردن داخليا وخارجيا لم يسجل على الأجهزة الأمنية خلالها أنها استهدفت أرواح مواطنين أبرياء!!
ختاما، لن تكون هذه الطعنة الأخيرة التي يتعرض لها الأردن، فعبر تاريخه السياسي تعرض لمثل هذه الطعنات من أطراف قريبة وبعيده، كان يخرج منها في كل مرة أكثر صمودا و قوة. ولا غرابة أن هذا الصمود والاستقرار يحتاج دوما لتضحيات من أبناء الأجهزة الأمنية، وبكل فخر قدم الأمن العام منذ تأسيسه وحتى اللحظة 460 شهيدا من مختلف الرتب العسكرية في مكافحة الجريمة والإرهاب والمخدرات ليبقى الوطن مستقرا آمنا.. تحية لجهاز الأمن العام وقيادته ولعيونه الساهرة، وحمى الله الأردن ومليكه وشعبه من كيد الغدارين!!
*رئيس نقابة الصحفيين الأردنيين/ الشمال