الصورة الذهنية لروسيا في الإعلام العربي
د.حسام العتوم
09-11-2019 11:18 AM
من أكثر الهواجس المقلقة للفيدرالية الروسية هو النجاح في معالجة صورتها الذهنية في زمننا المعاصر، وهي التي تأثرت سلباً في عمق التاريخ تزامناً مع نهاية الحرب العالمية الثانية (العظمى) 1945، وواصلت تأثرها بنفس الاتجاه بسبب إصرار أمريكا قبل الغرب، ومعا عبر حلف (الناتو) العسكري ذات الوقت على ديمومة الحرب الباردة، وسباق التسلح، اللذان تواصل روسيا رفضهما معاً، وتحرص في المقابل على تطوير قدراتها الاقتصادية، ومنها العسكرية داخليا، وفي الخارج عبر العقود الاستثمارية المليارية الدولارية، ومن غير الحاجة لخلق الأزمات الدولية على غرار أمريكا مثلاً من ووسط قطبها الأوحد، بينما هي أي روسيا، تقود عالماً متعدد الأقطاب ومتوازناً، وروسيا بالمناسبة قطب نووي عملاق يعادل جدارة قطب أمريكا المماثل إن لم يتفوق عليه سراً، ووسط هذه المعادلة يكمن سر بقاء عالم يحافظ على وجوده، وبلا تهور باتجاه حرب عالمية ثالثة مدمرة -لا سمح الله-، وهو ما لفت الانتباه إليه الرئيس الروسي بوتين عندما أشار في قول سابق له عن سبب عدم اندلاع حرب عالمية مدمرة جديدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 بعد امتلاك روسيا للسلاح النووي وتطويره بتسارع ملاحظ.
وشخصياً، خضت تجربة إعلامية طويلة نسبياً في الكتابة في الموضوع الروسي وعلاقته بالعرب عبر المطبوعات، والمواقع الإلكترونية الأردنية، وغيرها من خلال المشاركة في برامج متلفزة أردنية مثل (المملكة)، والفضائيات العربية مثل (العربية)– السعودية التي تبث أعمالها من مدينة الإعلام الإماراتية، و(التغيير) العراقية العاملة في عاصمتنا الأردنية عمان.
وعلى مستوى المطبوعات طبعت جريدة الرأي الأردنية واسعة الانتشار أعمالي على شكل مقالات تحليلية واسعة المساحة في الشأن الروسي، ثم أوقفتها من طرفي لاعتماد (الرأي) شرط حجم المقال بحدود الـ 400 كلمة، وهو حسب اعتقادي لا يناسب التحليل السياسي الحر بقدر ما يتناسب مع مقالات الإنشاء، والتي أنا لست من مدرستها بطبيعة الحال. ولا مقالة من دون مراجع، وأدلة دامغة، وتأريخ وتحليل واستنتاج، وتبقى المقالة الأسبوعية أعمق من اليومية فما بالكم إذا ما كانت متخصصة وعميقه. وتجربتي مع موقع عمون الأخباري واسع الشهرة مثمرة، وفيها لاحظت سقف الحرية العالي، والمساحة الكبيرة المتاحة للنشر وسرعة البث وإمكانية استقبال التعليقات كما جريدة الرأي وغيرها من وسائل الإعلام والاتصال الأردنية والعربية.
وعلى صعيد الفضائيات، التقطت أعمالي فضائية (التغيير) العراقية بعمان عبر برنامجها السياسي 60 دقيقة منفرداً أو بالاشتراك مع زميل، وانتجهت توجيه السؤال الحر مرتفع السقف في الشأن السياسي الروسي حتى لو كان منفراً لخطي السياسي الدبلوماسي في عرض الحقائق، وكان للقناة أي (التغيير) اتصالات إعلامية معي أثناء تواجدي في عطلتي الصيفية في روسيا- سعدت بها، وكنت وسطها أشعر وكأنني المتخندق في الصف الروسي المدافع والمنصف بموضوعية، بينما هي القناة الجانب المهاجم، ومع كل نهاية برنامج وحلقة كان مقدم البرنامج (هو وهي) يشكرونني على صمودي أمام الشاشة والرأي العام، ويواصلون البحث عني في المقابل كلما ثارت زوبعة حدث روسي هام.
وللحديث في السياسة الروسية، والكتابة فيها أسرار من أهمها معرفة اللغة، ومتابعة المصادر، ووسائل الإعلام الروسية، والكتب، والتعرف على العقلية السياسية الروسية عن قرب، بعيداً عن الإشاعات، والتقويل في زمن الحاجة للانصاف والموضوعية، وعرض الرأي والرأي الآخر بأمانة، ومواجهة الفوبيا الروسية أي الخوف غير المبرر من روسيا. واستضافات ناجحة لي ومعي مع قناة (العربية) في عمان وسط نشرات الأخبار كانت هامة بالنسبة لي ومشكورة، وتكرر حسب الحاجة للحدث.
وبدأ مشواري مع الكتب المتخصصة في السياسة الروسية نهاية عام 2016، فصدر لي كتابي الأول وقتها بعنوان: "روسيا المعاصرة والعرب" الذي شكر صدوره جلالة الملك عبدالله الثاني (حفظه الله)، وكتابي الثاني يرى النور قريباً جداً، وهو بعنوان: "مواجهة الرهاب الروسي وسط العرب والعالم" أي الخوف غير المبرر من روسيا، وبجهد متميز جديد، سوف أخصص له احتفالية عمانية قريباً تليق بالموضوع الروسي المحتاج لسماعه في منطقتنا العربية والشرق أوسطية، والعالم وبقوة.