باعة الأحلام ضيعّوا دبي فهل تستفيق عمان
30-11-2009 01:42 PM
عمون - كتب فايز الفايز - ولأن حبال الكذب قصيرة كما يقول المثل ، فإن أكثر من يستخدم الكذب لتمرير مشاريع اقتصادية وسياسية في العالم هم باعة الأحلام ، والذين عانينا منهم في الأردن ، حيث لا تزال أفكارهم لها تأثير السحر على العديد من أصحاب القرار ، وقد يؤدي تلويثهم للبيئة الأردنية السياسية والاقتصادية الى انهيار آخر في القيم السياسية ، كما حدث في المجتمع والاقتصاد لأنهم يريدون تطبيق النموذج الغربي بحذافيره على مجتمعات لا تزال تنمو ببطء ولا تستطيع تحمل صدمات حضارية واقتصادية متتالية .
ولا تقف بضاعة هؤلاء الباعة عند مصطلحات فضفاضة جميلة منمقة تبدأ بالحرية والإصلاح والشفافية والتطور ، فقد غرروا بشعوب بأكملها لتخليصهم ، فخلصّوا عليهم ، وما جورج بوش وتوني بلير ولفيفهم ببعيدين عن هذا المثل ، حيث تم زرع الكثير من نسخ باعة الأحلام الكاذبة في العالم العربي ، وتم إعطاءهم صفة المخلصين الذين لا يأتيهم الباطل حتى من حمامات غرف نومهم ، فسوقوا بضاعة كاسدة في سوق متعطش لكل ما هو برّاق ،، حتى تدهورت الأوضاع ابتداء ً من الولايات المتحدة التي ورطتها إدارة بوش بمساعدة البنتاغون الى تكبيد المواطن الأمريكي تريليونات الدولارات في كذبة عسكرية تدعى مكافحة الإرهاب ، أوصلت العالم بأسره الى حافة الانهيار ، وأصبح اقتصاد الدول ينهار في متتالية لم تنته بعد .
في عالمنا العربي هناك عدد من باعة الأحلام الكاذبين ، الذين أوهموا القادة والحكام العرب ، إنهم أقدر من "عفريت جن سليمان " الذي جاء له بعرش بلقيس قبل ان يرتد اليه طرفه ، وكانت الشروط بسيطة ، تنازل بسيط ومؤقت عن الصدق مع الشعوب ، وصلاحيات مباشرة لصرف أية مبالغ وتفويض أي شخص ليقوم مقام " الراقصة " التي تجمع أموال الزبائن في سهرة واحدة ، وآلة إعلامية دعائية تضخم الحدث فتجعل الجمهور يغرق في بحور العسل ، وينتظر السماء كي تمطر ذهبا على رؤوس البشر ، فحدث ما حدث ولن يكون آخر الأحداث ، قرب انهيار أسطورة دبي الخادعة ، التي امتصت ثروات هائلة كاستثمارات بنت مشاريعها العقارية الضخمة في الرمال وعبر الهواء وفي البحر ، وأهملت بفضل وهم كبير أسمه " رؤيتي " قطاع الإنتاج والتجارة البينية الذي كانت دبي رائدة فيه ، ومن هناك ، كنا نرجو ان نسمع تعليقا لأحد باعة الأحلام الليبراليين الجدد، الذين لا يقيمون للقيمة الاجتماعية وزنا في ظل سياسة السوق الجارف ، وهذا الأحد هو محمد العبار الرئيس السابق والعضو في مجلس إدارة مؤسسة دبي للاستثمار ورئيس مجلس إدارة شركة إعمار المفلسة ، والذي أقاله محمد بن راشد بعد زلزال الحقيقة التي حاولوا جميعهم ان يخفوه عن العالم ، وفضحه الله .
المهم في الأمر إن المفروض على المسؤولين في الأردن ان لا يقفوا أولا مكتوفي الأيدي مقابل هذه الازمة التي ستدفع العديد من رؤوس الأموال في دبي والإمارات عموما الى البحث عن سوق جديدة لنقل استثماراتهم لها واقصد بالاستثمار " رؤوس الأموال " وليس الأفكار البراقة والكاذبة مرة أخرى ، و يجب ان نتحرك فورا الى استقطاب ما نستطيع من رؤوس الأموال لإدخالها السوق الأردنية والقضاء الفوري ان حصل ذلك على البيروقراطية في التعامل مع رؤوس الأموال ووضع شروط خاصة لها كربطها لعشر سنوات مثلا في البنوك السوق المحلي .. كما يمكن إعادة شراء شركات اردنية منتجة تم بيعها.
والاستثمارات التي ستهرب برؤوسها من هناك فيها مجموعات أردنية على حد علمنا ، فهلا تحركت الحكومة مشكورة للاستطلاع والترويج للبيئة الاستثمارية الأردنية التي تقود أحد مؤسساتها ، هيئة تشجيع الاستثمار ، بنجاح وتوازن يراعي احتياجات السوق المحلي ومصالح البلد .
النقطة الأخرى وهي الأهم ، ان لم يتحقق أي حلم لنا بما سبق ، هو عدم الاعتماد على رؤية المحللين الاقتصاديين وأصحاب الشركات العقارية الكبيرة التي بانت عورتها ، وعدم دفع البنوك الى المزيد من إقراض الشركات المتعثرة ماليا ،، ولن أذكر باللجنة الخاصة التي تم تشكيلها لدراسة كيفية دعم ذلك القطاع ، فأصبح محور الدراسة كيف نحفز البنوك لإقراض الشركة الكبيرة التي بنت مشاريع مستنسخة عن أوهام دبي في مدن من الفلل خارج العاصمة ، لم تنته منها بعد ، ولم تبعها بعد ،، وسوق العقار يراوح مكانه ، وتلك الشركة لن تنهض على المدى القريب ، حتى بعد ان تم توريط الوحدة الاستثمارية في الضمان الاجتماعي لشراء أراض منها لا تنفع ولا تزرع .. ولا أريد ان أشكك أكثر .
يجب على صناع القرار الأردني أن يعيدوا حساباتهم مع جماعة باعة الأحلام ، الذين يرسمون الواقع بألوان قوس قزح ، وهو مختلط بالضباب الشديد فعليا ، فالواقع الاجتماعي لم يعد يحتمل أكثر وهو قابل للانفجار في أي لحظة ، حتى في القرى الأليفة التي ضربتها القاضية حينما امتصت شركات البورصات الوهمية ملايين الدنانير من أيدي أهاليها ولا تزال الحكومة تعالج الوضع بالمسكنات .. إذا فلنستمع جيدا الى محافظ البنك المركزي فلديه كثير من الأسباب الموجبة لحماية البنوك ورأس المال الوطني .