منذ عدة عقود كان خريجين الجامعات في الاردن والعالم ندرة , ولذلك كان الحاصل على شهادة جامعية ,لا يجد صعوبة في الحصول على فرصة العمل التي يرغبها وفي مجال اختصاصه .لكن مع ازدياد اعداد الجامعات ,وما واكب ذلك من ازدياد مضطرد في اعداد الخريجين حيث اصبح العرض اكثر من الطلب ,مما ادى الى بروز العديد من التحديات التي تواجه خريجين الجامعات وعلى رأسها, المنافسة الشديدة على فرصة العمل الواحدة,فحسب بعض الاحصائيات يصل عدد طلبات المترشيحين للفرصة الواحدة الى اكثر من الف شخص , ولذلك معظم خريجين الجامعات لا يتمكنوا من ايجاد الفرصة المناسبة للبدء في حياتهم المهنية ,بل يبقى معضمهم عاطلا عن العمل لفترة طويلة ,ويضطر البعض للعمل في مجال بعيدا كل البعد عن تخصصه .
وللوقوف على اسباب ذلك لابد لنا ان نلقي الضوء على متطلبات سوق العمل في ايامنا هذه ,والتي لم تعد مقتصرة على الاسواق المحلية بل تعدتها الى العالمية,وبالتالي تغيرت قواعد المنافسة واشتدت بين الخريجين الباحثين عن فرصة عمل مناسبة . بادىء ذي بدء اصبح هناك وصف وظيفي دقيق لفرص العمل, ومنها متطلبات المهارات والخبرات التي يجب ان تكون متوفرة في المرشحين ,ناهيك عن المؤهلات العلمية التي تعكس التطوير المهني المستمر ( (Continuing Professional Development ومن اهمها شهادات التصنيف المهنية التي اصبحت المحور الاساس في التميز بين المتقدمين لوضيفة ما. فعلى سبيل المثال اذا كانت الوظيفة تتعلق بمدير مشروع في قطاع الانشاءات او التصميم الهندسي تتطلب شركات القطاع الخاص الكبرى ,وكذلك القطاع العام في الدول المتقدمة ان يكون لدى المرشح شهادةPMP او مهندس محترف Professional Engineer License وهكذا ,بالاضافة الى دورات تخصصية عديدة تعكس التطوير المهني المستمر للمرشح . اما المحور الثاني الذي يميز الخريج عن الاخر, هو المهارات الشخصية soft skills اي السمات الشخصية التي تمكن شخص ما من التفاعل بفعالية وبانسجام مع الآخرين, ومنها مهارات التواصل والمهارات التحليلية والبحثية , والرغبة في التعلم اي التطوير المهني المستمر والمرونة والقدرة على التاقلم لظروف العمل,اما المحور الثالث فهو المهارات الفنية او التقنية التي تتطلبها الوظيفة والتي يبداء في اكتسابها الطالب الجامعي في بداية حياته من خلال فرص التدريب التي تتوفر له او من خلال العمل التطوعي اثناء العطل الصيفية . واما المحور الرابع من متطلبات سوق العمل هو ان يكون المتقدم للوظيفة قد اكمل تدريبات عملية على كيفية كتابة السيرة الذاتية ( Curriculum Vitae) CV لانها كالمرآة تعطي الانطباع الاول عن المرشح للوظيفية والكثيرين لا يتم اختيارهم للمقابلة الشخصية بسبب رداءة محتوى CV .واما المحور الخامس فهو ضرورة التدريب على اجراء المقابلة لانه في هذه المرحلة يتم اختيار الشخص المناسب للوظيفة , ولذلك يجب ان يكون المرشح متدربا على تلبية متطلبات المقابلة الشخصية بصورة جيدة. في كثير من الاحيان يعلق البعض فشله في الحصول على فرصة عمل مناسبة, بسبب وجود الواسطة والمحسوبية , ولكنه يدرك في قرارة نفسه ,ان السبب الحقيقي يعود الى انه لم يبذل جهدا كافيا لتطوير قدراته الذاتية ,ليواكب متطلبات سوق العمل كما ذكرت سابقا.
فبالرغم من وجود كفاءات اردنية اجتهدت وعملت على تطوير كفائتها بشكل شخصي , لتواكب متطلبات سوق العمل المحلية والعالمية , الا اننا في الاردن ما زلنا بحاجة الى تكثيف الجهود من القطاع الخاص والعام والنقابات المهنية والجامعات لرفع كفاءة الخريجين لمواجهة متطلبات سوق العمل على النحو التالي
1- النقابات المهنية : اسوة بنقابة الاطباء لابد ان يكون هناك تصنيفات وتخصصات مهنية مع برامج تدريبية , وهذه بحاجة الى تسويق لكافة القطاعات لتكون من المتطلبات الوظيفية .
2- وزارة الاشغال وباقي القطاعات الحكومية كل في مجال تخصصه تقوم بعمل برامج تدريبية واكاديمية التي من شأنها رفع المستوى المهني لخريجين هذه البرامج , بحيث يمنح خريجين هذه البرامج الشهادات العلمية التخصصية التي تميزهم عن الاخرين . فعلى سبيل المثال ما الذي يمنع وزارة وزارة الاشغال قسم الطرقات بان تتبنى طرح برامج اكاديمية متخصصة في مجال الاشراف على الطرق مستهدفة فئة المفتشين Road Inspectors ,بحيث يحصل الخريج على شهادة مزاولة المهنة في هذا التخصص, وهذا يمكن تطبيقه في باقي التخصصات .
3- نقابة المقاولين عليها ايضا عبىء كبير في تطوير المهن المختلفة في قطاع المقاولات وخصوصا في مهنة المشرفين على الاعمال من غير خريجين الجامعات فعلى سبيل المثال هناك ما يسمى بشهادة GOLD SEAL في كندا تمنح للفورمانية لمن يجتاز الامتحانات والشروط المخصصة لهذه المهنة .
4- من المفروض ان يقوم ديوان الخدمة المدنية ايضا باعادة صياغة الوصف الوظيفي لكل مهنة بحيث يشترط كجزء من المؤهلات المطلوبة لاشغال الوظيفة ان يكون هناك شهادات تخصصية اضافة الى الشهادة الجامعية التي لم تعد تكفي
5- اما الجامعات لها دور لا يقل اهمية وذلك في في عمل برامج اكاديمية مع سنة تدريب عملية,بحيث يتاح للطلاب المميزين من ايجاد فرص التدريب المناسبة قبل التخرج .
مع مرور الوقت تصبح هذه الشهادات الاردنية من متطلبات سوق العمل الاردني وحتى الاقليمي ,وبلا شك سترفع من المستوى المهني والاخلاقي للخريجين ,وسيكون هناك فرصة للاكفاء منهم من ابراز قدراتهم المهنية والفنية والنتيجة تقديم خدمات رفيعة المستوى للمجتمع.
waelsamain@gmail.com