هل يحدث التعديل الرابع فرقا جوهريا؟
د. زيد نوايسة
07-11-2019 09:30 AM
يبدو أن فكرة السرية والتكتم على أسماء الداخلين للحكومة في التعديل الوزاري الرابع على حكومة الدكتور عمر الرزاز وربما الأخير قبل الرحيل تطغى على الضرورات التي دعت الرئيس إلى اللجوء إليه، ولعل أهمها تداعيات إضراب المعلمين والخروج المباغت والاستباقي لوزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي وربما إحساس الرئيس أن جزءا من الفريق الحكومي لم يقدم ما يجب عليه أن يقدمه في تلك الأزمة الصعبة والتي لم تتعرض لها أي حكومة سابقة مما راكم التحديات التي تواجه الرئيس الرزاز الذي جاء حالما يحمل مشروعا للنهضة والعقد الاجتماعي الجديد والانتقال من الدولة الريعية إلى دولة الإنتاج فانتهى به المطاف إلى رئيس حكومة مهمته الأساسية إطفاء الحرائق ومواجهة المصاعب الاقتصادية المتراكمة فاستسلم لشعار درء المخاطر أولى من جلب المنافع.
هناك مبررات منطقية ومعقولة تستدعي القيام بتعديل وزاري لعله يمد الحكومة بكفاءات قادرة على إنجاح خطة تحفيز وتنشيط الاقتصاد وزيادة النمو وتحسين معيشة المواطنين. ولعل الرسالة الملكية القاطعة التي منحت الحكومة مهلة لنهاية العام بضرورة إنجاز هذه المهام بأسرع وقت هي حافز مضاعف ومسؤولية كبيرة فرضت على الرئيس أن يفكر بالتعديل الرابع لأنه بخلاف ذلك لا مجال للحكومة أن تستمر، ويكون خيار الاستقالة هو الأنسب، ولكن قرب انتهاء مدة مجلس النواب واستحقاق إقرار الموازنة العامة رجح خيار التعديل.
نجح الرئيس في إضفاء السرية والكتمان الشديدين على الفريق الذي ينوي الاستعانة به، وهذا حقه الدستوري حتى لا يخضع للضغوط والوساطات من الشخصيات السياسية في الدولة أو في البرلمان. ولكن المهم أن ينجح في اختيار وزراء لديهم برامج حقيقية بعيداً عن الاستعراض الممل الذي استهلك جزءاً كبيراً من وقت الحكومة دون إنتاجية ملموسة وأن يكونوا قادرين على تنفيذها بأسرع وقت. فلا يوجد لدى الحكومة متسع كبير وأن يكون لديهم حضور اجتماعي ومصداقية لدى الناس وأن لا يعيد إنتاج التعديلات السابقة في التعديل الرابع والذي سيكون على الأرجح الأخير قبل رحيل الحكومة.
المزاج العام في الأردن محبط من الحكومات بشكل عام ولديه شعور بغياب الأسس الموضوعية في التشكيل الوزاري ابتداء وفيما يتبعه من تعديلات، وللأمانة فأن التعديلات الثلاثة التي أقدم عليها الرئيس سابقا لم تشكل رسالة إيجابية للشارع ولم تترك أثرا بالغا يمكن أن ينعكس على الصورة الانطباعية عن حكومة الرزاز المتهمة حتى يثبت العكس بأنها حكومة الأصدقاء والعلاقات الشخصية، كما ويقدم إصرار الرئيس على بقاء بعض الوزراء بمعزل عن تقديم الأداء مادة ثرية لخصومه، لدرجة أن بعض الأسماء أصبح بقاؤها مقترناً ببقاء الحكومة والرئيس نفسه وهي فوق أن يشملها التعديل.
صحيح أن روح السخرية واللامبالاة والتنجيم حاضرة في تعليقات الأردنيين وأحاديثهم ولكنها ليست سخرية الترف والتسلية بمقدار ما هي سخرية الاحساس بالمرارة من تكرار تشكيل الحكومات والتعديلات عليها حتى أصبح الأمر أشبه بالفلكلور الشعبي وبالموسم الذي ينتظره الطامحون بإرضاء نرجسيتهم الاجتماعية دون الشعور بتغيير جوهري سوى انضمام مجموعة جديدة من حملة الألقاب الذين يضيفون عبئا ماديا على خزينة الدولة المنهكة اقتصاديا وعبئا اجتماعيا على المجتمع المثقل بالشخصيات العامة الباحتة عن دور ومكانة.
الغد