احترم الاردن منذ خمسة وعشرين عاما مواثيق وبنود اتفاقية السلام مع اسرائيل رغم الخروقات الكثيرة التي ارتكبتها اسرائيل وحكوماتها التي طالما وان انتهكت القوانين والتشريعات الدولية والقرارات الاممية التي صدرت بحق هذه الانتهاكات .
كان الخيار الاردني على الدوام احترام المواثيق والمعاهدات الموقعة حاله حال اي دولة تحترم نفسها ،و تحترم تعهداتها الدولية ، وتلتزم بما اتفق عليه العالم في الامم المتحدة واقروه ضمن اطار التعاون والسلام العالمي , فكان الملك وضمن فلسفة النظام الاردني يؤكد على الدوام التزامه بالمواثيق والمعاهدات الدولية ويطالب دول العالم ومنها اسرائيل على احترام القواعد الدولية والقرارات التي اقرتها الامم المتحده تجاه القضية الفلسطينية والعملية السلمية والقدس الشريف ، وكم هي المحاولات التي كانت اسرائيل تضرب هذه القرارات والمواثيق الدولية بعرض الحائط وعلى عكس الاردن الذي آثر تمسكه بها وحرصه عليها باعتبارها اقرار عالمي نحو سلمية المجتمع الانساني الذي يطالب بايقاف الهيمنة والقتل والحروب والدمار .
فمن حادثة السفارة الاسرائيلية لقضايا اختراق واقتحام المسجد الاقصى، والحفريات بحثا عن الهيكل المزعوم الى الاساءة للأوقاف الاسلامية التي تديرها الاردن الى تدنيس المقدسات بزيارت الاسرائيليين واقامة صلواتهم تحديا للعرب المسلمين والمسيحيين الى تصريحاتهم الهدامة في ضم منطقة غور الاردن الى بناء المستوطنات وغيرها والتي تخالف القانون الدولي والتشريعات الاممية , والاتفاقية الاردنية الاسرائيلية .
الاردن لم ينطلق خارج اطار الاتفاقية ولم يتجاوز القوانين الدولية بل طالب على الدوام بتطبيقها , فالملك والنظام الاردني ينطلقان من اهمية التعاون الدولي ومرجعية الامم المتحدة باعتباره القاسم المشترك نحو بناء الشراكة العالمية واقامة السلام العادل والشامل للامم.
الباقوره والغمر ليستا مجرد مساحة ارض تعود الينا بعد غياب , وليستا مجرد جزء من صفقة سياسية فرضها واقع الاحتلال المر ، بل جزء غالى من ثرى هذا الوطن يعود لبلاده بعد أن استغلها الاسرائيليون بحكم الواقع بعد الاتفاقية بربع قرن ,ليعود الحق الان لأهله بعد ان اكد الاردن رغبته بعدم تجديد الاتفاقية التي احترمها الاردن على مدار الربع قرن الماضية ، واكد الملك على ذلك أمام المجتمع الدولي ،واصر على عودتها امام شعبه حتى لا يكون هناك اي فرصة لتأخير التنفيذ ، او ايجاد فرصة للمشككين في مسيرة الاردن الصادقة والواضحة . فالملك يؤمن بأن عودة المنطقتين يعني التزام الاردن بالقانون والتعهدات الدولية ويعني التزام الاردن بالحفاظ على كرامته وحقوقه دون اي مساس , وهذه لوحة يقدرها المجتمع الدولي ويسجلها للملك والاردن .
الامريكان يدركون حنكة الآلية التي انتهجها الاردن في التعامل مع هذه القضية والتزامه بالقوانين الدولية , التي يؤيدها الاروبيون , والمجتمع الانساني باكمله ، وفي الوقت الذي تعاني فيه الادارة الامريكية الحالية من فشلها في ادارة ملف الشرق الاوسط ابتداءا من ايران فسوريا فتركيا والعراق , وتخليها عن العملية السلمية في فلسطين وتحيزها الاعمى للاسرائيليين , مما افقدها مصداقيتها ودورها في ادارة العملية السلمية . فها هي وبعد قناعتها بان الطريق والظروف غير مؤاتية لتحقيق صفقة القرن ،تجتهد خلال ما تبقى لها من زمن للاعداد لاتفاقية تجمع اسرائيل بدول الخليج وبعض دول المنطقة ، واقامة التحالف ضد ايران مقابل تطبيع كامل مع اسرائيل .
واضح ان الادارة الامريكية منشغلة جدا بتأمين اسرائيل والولوج بها للخليج وفتح قنوات التفاعل ، فهاهي ترسل وزير خارجيتها ومن ثم وزير الصناعة والتجارة الى اسرائيل والخليج من اجل الاعداد لاعلان الاتفاق الجديد.
موقفنا في الاردن واضح ولن نتنازل عن اي شبر من ثرانا وستبقى الباقورة والغمر اردنيتان متطلعين نحو الاقصى ولن تغمض اعيننا عن زهوة هذا الثرى المقدس وستبقى الوصاية الاردنية الهاشمية هي الحلقة الاقوى في تثبيت حقوق المسلمين والمسيحيين في القدس وحمايتها من محاولات الصهاينة تهويدها .