يقول نتنياهو عبر الحساب الرسمي لرئيس وزراء إسرائيل، إن الموقوفين الأردنيين – اللبدي ومرعي – سوف يتم تسليمهما للأردن بعد الاتفاق بين الأجهزة الأمنية المعنية، وهذا ما تم، وأن السفير الأردني سوف يعود لمقر عمله في تل أبيب، وهذا ما يتوقع أن يتم. التبادلية بالمصالح واضحة: تسليم الأردنيين وإعادتهما لبلدهما كما طالب الأردن، مقابل إعادة السفير الذي تعتبر إسرائيل وجوده مهما يعطي استمرارية وديمومة للعلاقات مع الأردن.يستطرد نتنياهو بالقول، أنه يعتبر العلاقات والتعاون بين الأردن وإسرائيل “حجر الزاوية” للاستقرار في الشرق الأوسط، في محاولة واضحة لاسترضاء الجانب الأردني، وايقاف انحدار الثقة المستمر بين البلدين الذي وصل حدودا غير مسبوقة.
من الصعب جدا تصديق اعتبارات نتنياهو وتغريداته عن تثمين العلاقات الثنائية، فتاريخ الرجل وسلوكه السياسي يشير لعكس ذلك تماماً. مخطئ نتنياهو إذا ما اعتقد أن “تغريدة” سوف تقنع الأردن، إذا لم تتبع بأفعال تؤكد ذلك. تسليم الأردنيين الموقوفين خطوة جيدة ومحاولة لبناء ثقة، لكن ماذا عن القضايا الثنائية الأخرى المهمة للأردن. لماذا لا يحرك نتنياهو ملف ناقل البحرين لتحلية المياه الحيوي والاستراتيجي جدا للأردن الذي يعاني شحا خطيرا بالمياه؟ هو يريد استبدال ملف قناة البحر الأحمر – البحر الميت بقناة البحر الابيض – البحر الميت مبررا ذلك أنه يخلق “اعتمادية متبادلة” بين البلدين ترسخ السلام والأمن بينهما. الأردن بالمقابل يصّر على العكس، ان هذا البديل المطروح يرسخ الاعتمادية والتبعية لا الاعتمادية المتبادلة. لماذا لا يصدر نتنياهو قرارا واضحا وجازما يوقف انتهاكات وتحرشات إسرائيل بالأردن بملف الحرم القدسي الشريف، يلتزم بنصوص وروحية معاهدة السلام التي تتحدث بوضوح عن الأماكن المقدسة ودور الأردن فيها. لماذا لا يغرد نتنياهو ويعود عن توجهاته لضم أراضي غور الأردن في الضفة الغربية، في مساس مباشر بالمصالح الأردنية المتمثلة بإقامة الدولة الفلسطينية على أراضي 1967 ومن ضمنها أراضي غور الأردن على الشطر الغربي من النهر.
هذه بعض من الخطوات التي يحتاجها نتنياهو لبناء ثقة حقيقية مع الأردن، اما أن يبقي إعلاء مستقبله السياسي الذاتي على حساب مصالح بلده وعلاقاتها المهمة مع الأردن، ويستمر بتبني خطاب يجلب له أصوات اليمين حتى لو كان ذلك على حساب علاقات بلاده مع محيطها، فلا الأردن ولا غيره من الدول ستمرر له ذلك دون كلفة سياسية عالية تفوق أهميتها أصوات الناخبين. عليه وحزبه أن يدركوا أن أمن الشرق الأوسط وأمن إسرائيل يتأتى من خلال احقاق السلام، ضمن معاهدات يتم الانصياع لها نصا وروحا، وترسيخ تقاليد من الاحترام المتبادل مع الدول التي ترتبط معها إسرائيل بمعاهدات سلام، لا اعتبار هذه المعاهدات رخصة للتغول على مصالح وسيادة تلك الدول.
(الغد)