من وحي التعديل الوزاري
اللواء المتقاعد مروان العمد
04-11-2019 02:10 PM
مع كل حديث يجري عن تغيير وزاري او تعديل وزاري يكثر الحديث عن التغييرات التي سوف تحصل ومن هم المغادرون ومن هم القادمون وكأن كل شخص يكتب عن ذلك يعيش داخل ذهن وعقل الرئيس المكلف بالتشكيل او الذي سيجري التعديل . وما ان يطرح اسم ما حتى يتم غربلته واختراق خصوصياته والحكم عليه بالصلاحية او عدم الصلاحية قبل ان يمارس أي صلاحية . كما يكثر في هذا الوقت بروز المستوزرين الذين يعمدون لتسريب معلومات عن كونهم مرشحين لتولى احد المناصب الوزارية في حين انهم على الأغلب يكون ذلك بعيد المنال عنهم . وما ان يتم التشكيل او التعديل والذي يتم على خلفيات الصداقة والإسترضاء والمحاصصة اكثر من الكفائة والخبرة والتخصص حتى نشبع القادمين ذماً والراحلين مدحاً بالرغم من كثرة انتقادهم سابقاً . وما هي الا اشهر قليلة حتى نصبح نطالب اما بالتغيير او التعديل . ونطالب بعدم توزير من وزروا سابقاً بالقول هو مفيش غيرهم ، ونهاجم من يتم تعينهم حديثاً بالقول من أين أتوا بهم .
ولن نتمكن من الخروج من هذه الدوامة ما دام تشكيل الحكومات يتم عن طريق هذا النهج . تسمية رئيساً للوزراء ثم بعد ذلك تجري الاتصالات والترشيحات في ظل محاصصة موجودة وغير معلنة ودون برامج حكومية لكي تتشكل الوزارة في النهاية من خليط غير متجانس لا يجمع بين أعضائها الا كونهم وزراء في هذه الوزارة . وسنبقى ندور في هذه الحلقة المفرغة طالما نحن على هذا التشتت الذي نحن فيه وفي غياب احزاب وازنة ذات برامج حزبية معلنة تغطي اليميني واليساري والوسطي والديني والمدني والعلماني . وكل حزب يعلن برامجه الانتخابية وتجري الانتخابات على اسس حزبية وتتشكل الحكومة من الحزب او الاحزاب ذات الاغلبية والتي ساعتها ستشكل حكوماتها من اعضائها وبهدف تنفيذ برامجها المعلنة حتى تضمن انتخابها في انتخابات قادمة . وهذا الامر ليس مسؤولية جلالة الملك لوحده ولا مسؤولية الحكومة لوحدها ولكن مسؤولية المواطن ايضاً والاحزاب الكرتونية الموجودة وألتي يجب عليها ان تحل نفسها وتعيد تشكيلها في عدد محدود من الاحزاب ضمن العناوين السابق الاشارة اليها . وعدم التمسك بألزعامات الحزبية التي لن تحقق لهم او للبلد اي فائدة . وان ينخرط المواطنين بالعمل الحزبي بدلاً من مماسة التنظير والانتقاد والهجوم من خلال وسائل التواصل الإجتماعي وعدم التوقف عند القول ان الدولة لا تشجع على تكوين هذه الاحزاب في حين ان جلالة الملك الراحل الحسين ابن طلال طيب الله ثراه كان قد قال مراراً وتكراراً ان الازدحام يعيق الحركة وطالب بتجميع الأحزاب بعدد يتراوح ما بين ثلاثة الى أربعة احزاب تمثل الأتجاهات العامة الرئيسية من اليمين واليسار والوسط وحتى الديني . كما ان جلالة الملك عبدالله ابن الحسين اطال الله في عمره قد كرر ذلك مرات ومرات.
كما انه لا يجوز ان ننتظر الدولة لكي تشكل هي هذه الاحزاب بل ان هذه الأحزاب هي التي يجب ان تفرض نفسها على الدولة . ففي زمن منع الاحزاب ومحاربتها ومحاربة الحزبيين كان لدينا حزبيين اكثر مما لدينا في ظل حرية تشكيل الاحزاب وحرية العمل الحزبي وشرعيته .
هذا طريق طويل ولكن لابد من السير فيه حتى نحقق التغيير . الامر يتطلب ليس وزراء يأتون بالمعجزات ولكن الى شعب يحقق المعجزات . وان يتخلى هذا الشعب عن الدور الذي يقوم به حالياً والذي لا يختلف عن حديث داخل حمام عام تعلوا الاصوات فيه وترتفع ويتنوع الحديث ويتشعب ولا احد يفهم ما يقال ولا احد يخرج بنتيجة مما يقال . وانا لا اطالب ان يكون هذا التغيير من خلال الشارع بل انني اعارضه لأنه لن ينتج عنه الا الفوضى والانقسام . ولكن من خلال تلاقي افكار من يهمهم الامر العام وتوحيد جهودهم ودمج الاحزاب الموجودة بعدد محدود او القيام بحلها وتشكيل غيرها والقوانين الموجودة لا تمنع ذلك وعدم تكرار اسطوانة ان الدولة لن تسمح بذلك فان اضراب المعلمين ولو انني كنت اعارضه لتأثيره السلبي على الطلبة ولكنه استطاع ان يحقق للمعلمين ما يريدون .
المطلوب تغيير النهج ، وتغيير النهج مسؤولية كل مواطن بالاضافة الى انه مسؤولية الدولة .