لمن لم يعد يعرف ما هي العوامة، فهي نوع مغري جداً من الحلويات للتخلص والإجهاز على بقية الأسنان بحيث يصبح المواطن لا يفتح فمه لمجرّد الكلام ناهيك عن الابتسام وما بالك بالضحك لا بل بالقهقهة..العوامة شملتها الهبات الحكومية في إعفائها من ضريبة المبيعات هي وما سمته الحكومة بالحلويات والمأكولات الشعبية.. حقاً: هل بقي هناك أشياء شعبية.. هل لا زال مطعم هاشم شعبياً.. هل لا زالت أسواق البالة شعبية.. هل بقي أي نوعٍ من الفاكهة يمكن أن توصف بالشعبية.. هل لا زالت الملوخية شعبية.. وماذا عن البطيخ الذي بتنا نشاهده ونخشى أن نلمسه، ألا زالت الحكومة مصرّة على استدراجنا خلف كل أولئك الحيتان الذين يعرفون كيف (يلقطوها)..
كيف سأقنع نفسي بأن العوّامة شعبية.. بالمناسبة كانت العوّامة وأصابع زينب ولا تسألوني من هي زينب لكي نعرف أصابعها وكرابيج حلب ولا تسألوني عن حلب وعلاقتها بالكرابيج التي اشتهرت أيام العثمانيين وفي زمن الإقطاع لكنها كانت لا تنزل في جوف الشعبيين وإنما تنزل على ظهورهم.. والهريسة السادة والمحشية، كانت كلّها حلويات تسمى شعبية لكن الغالبية العظمى من الشعب كانت تشاهدها ولا تستطيع شراؤها لندرة السيولة، ومع ذلك كانت هي الحل المتاح والأقصى أمام الشعبيين عندما يريد أحدهم أن يغامر بشراء حلويات.. أذكر جيداً حين دخل الجاتوه على المخيّم والذي كنا نتحاشى مجرّد النظر إليه لغرابته.. وكان الكيك يطلق عليه ( ككس) حتى الكنافة وإن كانت من الحلويات الشرقية فهي لم تكن بحالٍ من الأحوال شعبية..
كان للتعريفة قيمتها التي يمكن أن تشتري فيها قطعة هريسة أو بضع حبات من العوامة.. لكن كم هم الذين كانوا يملكون التعريفة والأدهى القدرة على صرفها.. حقاً فإن الحكومة الرشيدة والتي أشكرها على كلّ قراراتها، تلك القرارات التي تؤكد أننا على قائمة اهتمامها.. لكن السؤال: هل وبالرغم من الإعفاء الضريبي للمأكولات والحلويات الشعبية، يمكن للشعبيين أن يمارسوا متعة شراء وأكل هذه المأكولات والحلويات.. ثم ماذا عن المتنفذين الذين تعرفهم الحكومة كما تقول، هل سيستمتعون بنهمٍ إضافي بحيث يستولون على الفائدة المترتبة من جرّاء الإعفاءات.. وهل نتوقع صدور قرار حكومي طبعاً يبين لنا ما هي المأكولات والمشروبات والحلويات وحتى المركبات والطرقات والأسواق والأماكن والتجمعات والمدارس والجامعات والكليات والمباني والأحياء التي تسميها بالشعبية..
ألم أقل دائماً بأن النوايا الحكومية طيبة اتجاهنا، لكن المشكلة أن أي قرار حكومي يأتي إما متأخراً وإما لا فائدة منه وإما انه لا يعنينا.. فيما يكون المتنفذون كالمنشار يكسبون على الطالع والنازل.. أي حتى لو كان القرار شعبياً، فالمستفيد نخبوياً.. كنا نخجل أن نقدم العوامة للضيف مع أننا غير قادرين على شرائها.. الآن سنخجل أكثر لأننا بالإضافة لعدم قدرتنا الشرائية، فقد أصبحنا لا نستطيع تمييزها..
الحكومة الرشيدة: أرجوك أن تلغي من قوائمك أي توصيف شعبي، فالشعب لم يعد موجوداً، فكيف بمتعلقاته.. واسلمي.
E-mail:majedkhawaga9@yahoo.com