هل الامر يتكرر

سور الصين العظيم في الصين في شمال بكين هو من اكثر المواقع جذبا للسائحين من كل انحاء العالم ، وكل زائر يجد مشتهاه في هذه الزيارة ، فمن يريد المتعة يجدها ،ومن يريد قراءة تاريخ البشرية او من يريد استخلاص العبر فان هذا يسيرا ،

هذا السور الذي يمتد لحوالي 6700 كلم بارتفاع يتراوح بين 5 - 17 مترا والذي بني او انتهى بناؤه في عام 221 قبل الميلاد دخل الادب والرواية والشعر والملحمة وصناعة الافلام ، وكذلك دخل عالم الاسطورة فيقال ان لدى الصينيين معتقد ان الشياطين تسير في خطوط مستقيمة ولذلك فان بناء السور جاء متعرجا لطرد الشياطين .

ولكن رغم ان السور الذي هو حصن عسكري وخط دفاع متكامل فيه الابراج ومواقع المدافع القديمة او الراجمات والمنجنيق وبابواب محكمة الاغلاق ومتاريس منتشرة ،لحماية الصين من اخطار تتهددها رغم كل هذه القوة والمنعة فقد سقط السور بكل سهولة امام الغزاة واجهضوا عشرات السنين من البناء المتواصل وكم عدد الضحايا الذين سقطوا وكم انفقت الصين عليه ،لقد سقط البناء الحصين العظيم امام خيانة شخص من حرس السور حين قام بفتح احد الابواب امام الغزاة فاخترقوا السور وسقط هدف الحماية وكل اهداف السور بدقائق.

وكثر التحليل حول الاسباب ،ولكن الكل اجمع على ان الصين ابدعت في بناء الحجر ولكن نسيت بناء الانسان ،نسيت بناء المسؤولية والواجب والاخلاص ، وهذا ما دفع ماوتسي تونغ بعد ثلاثة وعشرين قرنا لأن يقول : "ضربة من الداخل لا تعدلها الف ضربة من الخارج "، وأيضا حين قال المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه " ان الانسان أغلى ما نملك "
واليوم هل نعيش نحن هذه الحالة ، وان هناك اولوية للبناء الحجري وحسابات الاقتصاد وغيرها دون بناء الانسان ؟

هل نحن نضع الانسان في اولويات التخطيط الفعلي وليس النظري وان نضمن الاهتمام بالانسان للتقارير والخطب والمقالات دون واقع فعلي ؟

هل اسقطنا التاريخ وحسابات المواطنة والهوية واصبحنا نلهث وراء لقمة العيش ونركض خلفها ودائما تسبقنا ؟
هل تغيرت مفاهيم الثقافة والعناية بالمثقف بعيدا عن المزاجية والاستقصاء والابعاد والتجاهل ؟

استغرب ان مسؤلا في احدى المرات صرف كلمة (فلان بك ؟ ) لشخص فاشل ..

استغرب انه لا اعتبار للمؤهلات ولا الخبرات في العديد من الهيئات ؟

واستغرب الانتقائية الرسمية وغير الرسمية في التعامل مع الوسط الثقافي والسياسي .

ارجو ان نبني سورا من الثقافة الصحيحة والتعامل بموضوعية مع واقعنا وان نضع الامور في نصابها .