هكذا "تبهدلت" النيابة في بلدنا
جميل النمري
27-11-2009 09:44 PM
** لعل الانتخابات الماضية وحدها كانت تبرر حلّ المجلس لتبرئة ذمّة التاريخ النيابي وطي صفحة معيبة ..
ما حصل في الانتخابات الماضية مثل ذروة التدهور في مسيرة نيابية كانت تتراجع من دورة لأخرى، تتراجع في نوعية الانتخابات وعلاقة المرشحين بالناخبين ثم أداء النواب حتى أن الأردنيين رأوا في حلّ المجلس هدية عيد من جلالة الملك وانها لمأساة ان ينحدر المجلس النيابي وهو بيت الديمقراطية والتمثيل الشعبي ان ينحدر في عيون الاردنيين لهذا الحد!!
وليست المشكلة (غالبا) في شخوص النواب فالبيئة السائدة جعلتهم كلهم بما في ذلك المسيسون جيدا نواب خدمات وواسطة ومحسوبية ومن مجلس لآخر كان الأداء يتراجع وتنتصر الممارسات الأكثر رداءة، والحكومات كانت تعاني وتتواطىء في آن معا ، وكم كنّا نخجل بمقارنة نوابنا مع غيرهم ، والسفريات كانت تفضحنا بدل ان تفيدنا وبقيت وسيلة ترفيه وتنفيع الى جانب التنفيعات التي اطاحت بمفاهيم الاستقامة والشفافية.
وحتى لا نجلد النواب كثيرا فالمشكلة كما قال أحد الأخوة ضمن العدد الوافر من التعليقات على مقال سابق، النواب هم النتيجة وليس السبب، وهذا صحيح تماما، ان العملية الانتخابية ذاتها تعرضت لفساد خطير اطاح بمعناها كتعبير سام عن مشاركة الناس في تقرير مستقبلها وسيادتها في بلدها، بيع المواطن لصوته لم يعد مخزيا وشراء المرشح للأصوات لم يعد فضيحة، ونقل الأصوات بالجملة لم يعد تزويرا لارادة ابناء الدائرة الحقيقيقين، وفي النهاية اصبح التلاعب الصريح بالصناديق والارقام عاديا، هكذا تبهدلت النيابة في بلدنا، ولا يعتقدن احد ان هذا لم يؤثر على تقدم البلاد عموما. ومن جهتي فان أكثر ما راعني بعد الانتخابات الماضية ليس التزوير بذاته لكن الفساد العام للعملية الانتخابية في مؤشر خطير على تدهور القيم والمعايير جعلنا نخاف كثيرا على مستقبل بلدنا ومجتمعنا.
لعل الانتخابات الماضية وحدها كانت تبرر حلّ المجلس لتبرئة ذمّة التاريخ النيابي وطي صفحة معيبة، لكن التدهور والتردّي في العملية الانتخابية ونوعية النيابة اصبح واقعا حتى دون تزوير ولن ينتج عن الانتخابات سوى اعادة انتاج مجلس بالسابق، وعليه عندما بدأ الحديث يدورعن احتمالات حلّ مجلس النواب طرحنا السؤال: حلّ المجلس.. من أجل ماذا؟ لحسن الحظ أن لحسن الحظّ جاء الجواب في الارادة الملكية جاء على أفضل وجه : حلّ المجلس من أجل عقد انتخابات جديدة بقانون جديد يفتح الطريق للتحديث والاصلاح وحتى تكون الانتخابات "محطّة مشرقة"في تاريخنا وفق ما طلب جلالة الملك حرفيا.
منذ سنوات ونحن نحاول اقناع الطبقة السياسية بكل تلاوينها بضرورة التغيير وطرحنا الكثير من الأفكارالعملية دون جدوى، و التأخير اوصلنا الى الحال التي دفعت الملك لحلّ مبكر للمجلس والدعوة لآنتخابات جديدة بقانون جديد. و الاصلاح بعد كل هذا الخراب يتطلب اجراءات أكثر جذرية ونتحدث تحديدا عن قانون الانتخاب الذي يجب ادخال تعديلات جوهريه عليه من حيث الاجراءات و الجهة المشرفة والرقابة ونوع النظام الانتخابي وكل ذلك اشارت له الارادة الملكية. يجب التجرؤ على تعديلات جوهرية تعيد الاعتبار للأنتخابات وللنيابة و لنظامنا السياسي ومشروعنا الاصلاحي والتحديثي
jamil.nimri@gmail.com
خاص بـ عمون ..