من الطبيعي، ان تتميز المجتمعات عن غيرها بحجم الموارد البشرية او الطبيعية التى تحتويها، لكن ليست كل مجتمع يمتلك هذه الموارد يحقق قصة نجاح، بينما كل الدول التى لديها استراتيجيات عمل وخطط تنفيذية تمتلك علامة التميز، بواقع علامة تجارية تميز صناعاتها او علامة فارقة تميز طبيعة مجتمعها، وهذا ما يجعل من كثرة المواد البشرية ومقدار الموارد الطبيعة يشكلان ادوات الانجاز لكن لا يشكلان الانجاز بحد ذاته الا اذا احسن توظيفهما فى اطار معادلة الاحقاق، لذا تعتبر هذه العناصر عناصر مساندة ليست العنصر الاساس فى معادلة الانجاز الذي يقوم اساسة على البناء الاستراتيجي فى بناء هيكلة الدولة، وتؤسس اوتاده على طبيعة السمة الدالة على دلالة المجتمع.
فان البناء الاستراتيجي ودلالة المجتمع يشكلان الهوية التنموية للدولة فيما ترتقى درجة نماء الدولة بواقع ارتفاع نسبة الهوية التنموية للدولة وهو العامل الذاتي اضافة الى البيئة الاقليمية المحيطة التى تشكل الظرف الموضوعي فيما تشكل محصلة هذه المعادلة معدلات الانجاز التى تشكل حماية اكيدة للمجتمع من واقع تقديرات نسبية ترتفع فيها درجة الحماية الذاتية كلما ارتفعت مستويات الهوية التنموية فتصبح التاثيرات المحيطة او الموضوعية لا تشكل تلك الضغوطات على مستويات الانتاج ومعدلات الانجاز، فكلما ارتفعت القيمة النسبية للهوية التنموية حققت الدولة معها رافعة اكبر وحماية اقوى.
وهذا ما يجعل الدولة قادرة على اخذ زمام الامور بشكل دائم، وبسط سيطرتها على واقع الاحداث بطريقة افضل، بل وتتخذ قرارات من واقع اكثر استقلالية، من هنا تبدا رحلة البحث عن الهوية التنموية او الاصلاح الاقتصادي، فان شمولية الحل تقتضي رسم ايقاع اقتصادي جديد على ان تراعى فيه الامكانات المتاحة وان توظف عبره الطاقات الموجودة ضمن مخطط شمولي يبني دولة الانجاز، وجمل سياسية تنسجم روحا ونصا مع استراتيجية العمل المنبثقة من الهوية التنموية للدولة والعاملة على ابراز خطوط الانتاج بكل مساراتها على ان يتم تصميمها وفق قوالب ومسارات علمية وعملية، بما يحقق لها على الاستجابة الضمنية، ووفق مناخات ايجابية تهتم بالكفاءة وتدعم فرص التشغيل الانتاجية على حساب الوظائف النمطية.
فان الصورة الكلية لادارة الدولة تشكل اداة قياس انطباعية يقاس معها كيفية ادارة الدولة لمواردها، والية تطبيق الدولة لانظمتها، وطريقة توظيف المقدرات والطاقات فى خدمة مسيرة البناء، اضافة الى نوعية الوسائل المستخدمة فى التطبيقات، وهي العناصر التى لابد من احتسابها عند الشروع فى ايجاد اصلاحات ادارية في المؤسسات العامة وبعض المؤسسات الخاصة، تقود الى بلورة منطلق تنموى جديد، وهذا بحاجة الى انشاء مديرية خاصة تعنى بالتخطيط الاستراتيجي وتعمل من اجل هوية الدولة التنموية.
فلقد ارتبط تقدم المجتمعات بسمات طابعها واعتمد نجاح ادارة الدولة على هويتها التنموية الامر الذى يشير الى ان الباب الدخول الى احقاق تقدم الدولة يتأتى من آليات تحقيق المجتمع للعناصر التى تتكون منها انظمة الحوكمة الراشدة والتي تعتبر من ابرز عناصرها تعزيز قيم مجتمع المعرفة القادر على التخطيط والتوجيه والعامل على المراقبة والمساءلة كما على حماية القرار عند صياغته وعند صيانته اضافة الى متابعة ظروف تنفيذه وآليات تطبيقه في كل محطات البناء وميادين الترسيم.
(الدستور)