ملف المؤسسات المستقلة!
المحامي عبد اللطيف العواملة
02-11-2019 09:58 PM
في ملتقى اطلاق حزمة التحفيز الاقتصادي، ذكر دولة رئيس الوزراء موضوع المؤسسات المستلقة و اقر مبدأ ان هناك حاجة لمراجعة اوضاعها. هذا امر محمود، فقد كانت هناك مطالبات متعددة من اصحاب الاختصاص بضرورة القيام بذلك من ناحية الكفاءة و الكلفة، و ايضا التنظيم الاداري السليم. لقد اعتمدت حكومات العقود الاخيرة و بشكل متزايد على المجالس و الهيئات و المفوضيات و المؤسسات المستقلة بشكل عام، و التي تتقاطع في مجالات عملها مع اجهزة الدولة القائمة، و خصوصا الوزارات. تاريخ بعض هذه المؤسسات القصير و الطويل شهد كثير من علامات الاستفهام حول مشروعيتها.
لنفتح الباب كاملا امام مراجعة عاجلة لملف المؤسسات المستقلة بكافة اشكالها، فجميعها مطلوب منها جردة حساب تبين انجازاتها لغاية الان، و التي تأسس العديد منها بقوانين مؤقتة بالاصل. بعض هذه المؤسسات تعاني من خلل في الهدف و الهيكل و الاليات. ليس واضحاً كيف تعمل، فما هي حدود مسؤوليتها، و ما مدى استقلالها الفعلي، اذ ان الحكومة تعين قياداتها من غير اسس واضحة او معلنة، و معايير نجاحها لا تخضع للشفافية او المساءلة، و خصوصا ان كثير منها خارج نظام الخدمة المدنية.
اذا كنا غير واضحين في مساءلة المؤسسات المستقلة فكيف نطبق مبدأ الغرم بالغنم؟ و من ناحية عملية، فان الاكثار من المؤسسات المستقلة يعيق عمل الحكومة لانها تشكل ازدحاماً قد يبطىء من الحركة و يعقد من الاجراءات. فلماذا لا ندع الحكومة و اجهزة الدولة الدستورية تعمل ثم نقول للمحسن احسنت؟ الغموض الدستوري و القانوني تربة خصبة لبعثرة الموارد و معرض لشبهات الفساد المالي و الاداري.
المؤسسات المستقلة لها مجالاتها، كالبنك المركزي و ديوان المحاسية و هيئة النزاهة، و لكنها ليست الدواء لكل داء فهي الاستثناء و ليست القاعدة. الاصل ان الوزارات هي المسؤولة عن انفاذ الدستور و القوانين في كافة القطاعات و الاعمال الحكومية. فهل من مراجعة وافية و ناجزة لملف المؤسسات الحكومية؟