يقول الشاعر:
أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
شاعر، وأي شاعر؟! صدق فيما قال ليس لأنه صادق في كلامه لكن لأن الكتاب يستحق منظومة من أبيات الشعر والنثر.
فالكتاب هو ذاك الإنسان الصامت الذي إذا نظرت إلى غلافه قد يأخذك عنوانه إلى جنة الأفكار والعبرات، "فهناك كتب أجمل ما فيها غلافها" كما يقول الروائي همنغواي.
وهو ناد تلتقي فيه بشاعرك المحبوب أو عالمك المفضل أو غيرهما، وتتحدث معهم بلغة الصمت لغة الحكماء، تستلهم منهم علما وأدبا ومشورة وثقافة، وهذا ما اشعر به عندما أقرأ كتابا ما إذ يعطيني كنزا لا يفنى ولا يزول.
فإذا كانت الشمس خلقت لتنيرالأرض، وإذا كان القمر قد خلق ليضيء الدروب في الدياجير، فإن الكتاب قد وجد ليكون نبعا للعلم يرتوي منه طالب العلم.
فهو حامل لواء الثقافة والفكر، وهو الإنسان الذي يعبر عن ثقافة أمته كما أن الدبلوماسي يعبر عن سياسة دولته ويمثلها، إذ يحمل ذاك اللواء من جيل إلى جيل، ليعرفهم بماض قد مضى، ويبشرهم بمستقبل سوف يقبل، وإذا كانت الحكمة تقول: "لا يستطيع أي جيش مهما بلغت قوته وعدته وعدده، أن يقضي على فكر آن أوانه"، فإن ذلك يعود إلى أن فكر الشعب لا يعبر عنه بالثورات أو المعارك بل لأن الكتاب هو الذي يعبر عن فكر الشعب، كما حدث في الثورة الفرنسية، فنحن نعلم من خلال دراسة التاريخ أن كتاب (العقد الإجتماعي) الذي سمي فيما بعد بإنجيل الثورة هو الذي نبه الشعب الفرنسي إلى مساوىء الحكم الإقطاعي وأثاره على من إستبد وظلم .
أخيرا،
إن أهمية الكتاب لها مكانة خاصة؛ فالمثل يقول: "بيت بلا مكتبة كجسد بلا روح"، وهذا ليس بغريب، ومن هنا فإنني أتمنى ان أرى ذات يوم المجتمع وهو يعطي إهتمامه للمطالعين، فيوفر لهم الكتب المطلوبة، ليس لأن هوايتهم المطالعة، أو لأنهم يطلبون ذلك، ولكن لأن الكتاب يستحق هذا الإهتمام، ويستحق أن تقوم الدولة بتخصيص ميزانية له؛ فتوفر المكتبات ومصارف المعلومات والكتب المهمة، حديثة النشر وقديمها، عربية وأجنبية.
وأيضا يستحق أن يقوم الأغنياء بالتبرع لبناء المكتبات، وأعتقد أن هذا نوع من أنواع الكرم، بأن تكرم صديقك أو مواطنك كنزا لا يفنى من العلم والأدب والثقافة.