امجد ناصر .. قبل الموت وبعده!
فارس الحباشنة
02-11-2019 03:02 PM
الراحل أمجد ناصر وثق مرثيته في كتابه الاخير "مملكة ادم " . حاور الموت و المصير المحتوم . واشبه ما كتب مرثية لذاته في طريق عودته الى الوطن الام البادية "المفرق "
بعد رحلة طويلة من التيه على دروب الحرية المستحيلة . وكان المرض قد باغت امجد ناصر كطعنة خنجر مسموم . بغياب امجد ناصر خسرت الثقافة أيقونة اردنية وعربية كبيرة .
يحيى النعيمي استعار اسم " امجد ناصر " . النعيمي ابن البادية بقيت روحها لم تفارق نصوصه ، وتبوح بجدلية الصحراوي :الظهور و الخفاء ، وبعبق الارض روحها القاسية ، و بمذاق البلح الرطب ، و جمال البدوية عاشقة الانتظار ، البدوي المندهش و المتأمل .
رحل امجد ناصر ، وقبل أيام حلت الذكرى السنوية لرحيل الشاعر حبيب الزيودي . الثقافة و الادب الاردني يتيم . اخر الشهود الراحل امجد ناصر . لربما من السهل انتاج الف وزير و نائب ولكن من الصعب ولادة شاعر ومبدع ومثقف .
مصطفي وهبي التل "عرار " و غالب هلسا و تيسيرالسبول و اديب عباسي و حبيب الزيودي ادباء اردنيين احتضنوا الاردن في إبداعهم وطنا ، وامنوا بالتغيير و التقدم و الاصلاح والحريدة و العدالة ، ونضالوا بالكلمة و الفعل اليومي .
شعراء وادباء و مفكرين كتبوا تاريخ الاردن الحقيقي ، وليس تاريخ مذكرات رجال السلطة الجانحة الى الخداع و التضليل و التسويف ، ومن لا يعرفهم الاردنيين، وسرعان ما ينسوهم و لا ينعونهم الا في الصحف و نشرات الاعلام الرسمي .
وفي غمرة الحديث الوطني عن المناهج المدرسية اضم صوتي الى أصوات أخرى تسألت عن غياب النص الأدبي الاردني عن المناهج .
فلماذا لا يدرس شعر عرار لطلاب المدارس ؟ ولماذا لا تدرس أنت منذ اليوم و احزان صحراوية لطلاب المدارس ؟ و لماذا يغيب غالب هلسا عن الكتاب المدرسي الاردني ، و يحضر في كتب مدرسية عربية ؟
ولماذا لا يعرف جيل من الاردنيين من هو اديب عباسي وحبيب الزيودي وامجد ناصر ؟
ولماذا يحشى في المناهج نصوصا هجينة و مستوردة ، و يجري اقصاء و نفي الانأ الثقافي ؟
الهوية الوطنية مختبرها ومخزونها الروحي الثقافة و الفكر و الادب و الابداع . ولماذا يجري تعرية الهوية الاردنية ، وتقدم للعالم بانها جرداء و فقيرة و عديمة الابداع و التقدم ؟
فهل هذا مركب من مركبات محوها و سحقها عن خرائط جغرافيا الثقافة العربية و الشرق اوسطية ؟
لماذا لا يتحملون الاعتراف باردنية الاردني ؟ استذنكم ايها السادة عذرا بالقول ان الاردنية في خطر ، ولربما أن السؤال لا ينسحب عن الثقافة و الادب فحسب أنما يمتد عاموديا و افقيا الى السياسة و البنى العميقة .
يرحل الشعراء و لا يموتون ! لربما أن القصيدة و الحكاية ما زال لها بقايا ، لم يخبرونا عن كل التفاصيل ، فالسرد يخبي اسرار الحكايا . بعد الموت بقليل أسحموا لي بالقول أن الشعراء لا ينعوون . اتركوني قليلا ،فلعلي ابحث عن مكان ما لاشرب نخب الجميع .