قرأت رسالة جلالة الملكة رانيا العبدالله التي خرجت الى العلن، بمفردات لا تخفي وجعاً أحست به إثر حملات مغرضة تعرضت لها من نفر لا يراعون إلاًّ ولا ذمة. عاتبت الملكة هذا النفر ولكن برفق، عاتبتهم لأن نقدهم خرج عن حدود اللياقة.
حين يكون النقد بقصد الاساءة والتجريح مُنفلتاً من عقاله لا قيمة له لأن الشمس لا تُغطى بغربال!
لم يتحدث هذا النفر عن إنجازات هذه الملكة في مجالات البنية التعليمية او تلك الي تعنى بالأمومة والطفولة. تناسوا كل هذه المجالات وراحوا يتناولون سفاسف الامور كالحديث عن أثمان ملابس الملكة ومدى بذخها وإسرافها. الهدف من كل هذا هو الاغتيال والتجريح ليس إلاّ.
والعجيب ان من يمارسون هذا النقد الخبيث يطلقونه من خارج الوطن. نقد موغل في تشويه سيرة ملكة في وجهها شواهد من خير.
لهؤلاء الذين ما انفكوا يفترون على هذه الملكة اقول "رأس الذنوب الكذب" هو يؤسسها.
استذكر هنا ما قاله كاتبنا العربي القديم ابن المقفع، قال: "من أشد عيون الانسان خفاء عيوبه عليه، فإنه من خفي
عليه عيبه، خفيت عليه محاسن غيره، فلن يُقلع عن عيبه الذي لا يعرف، ولن ينال محاسن غيره التي لا يبصرها أبداً".
قال رجل لحكيم: ما خير ما يؤتى المرء؟ قال: غريزة عقل.
قال: فإن لم تكن؟ قال: فَتَعلُّم علم.
قال: فإن حُرِمه؟ قال صدقُ اللسان.
قال: فإن حُرِمه؟ قال: سكوتٌ طويل.
قال: فإن حُرِمه؟ قال: ميتة عاجلة.
"صدق اللسان" بتنا في هذا الزمن الأغبر لا نجده إلا عند أصحاب المروءات الذين ينصفون في القول. كيل التهم للآخرين أمسى بضاعة رخيصة يتاجر بها صغار القوم.
اقول لهؤلاء الذين يغتالون شخصية الاطهار لا تكافئوا بالعداوة والضرر المبادرين الى الاصلاح والعمل المثمر، كافئوهم بما يستحقون.
لهم اقول لا تتخذوا اللعن والشتم اسلوباً في النقد.
احذروا المِراءَ واجتنبوه. حبله قصير، والمرائي مذموم في الدنيا والآخرة.
يبقى ان اقول: أيتها الملكة إن المرء يبلغ الفضل في كل شيء بالمحبة. محبتك لشعبك لا يرقى اليها الشك. آثرتيه بها. محبتك له تتحدث عنها مشاريعك الانتاجية في اكثر من مجال. رسالتك –يا صاحبة الجلالة- عاتبت من أساءوا اليك برفق وصبر، وإن تضمنت وجعاً لن يثنيك عن مبادراتك الخيرة.