مابين الحقيقة والتحريض
اللواء المتقاعد مروان العمد
02-11-2019 11:21 AM
انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي في الآونة الأخيرة منشورات تزعم ان جلالة الملكة رانيا قد قامت بتمويل بناء مركز لمعالجة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة كولونيا الألمانية وان هذا المركز يحمل اسم مركز الملكة رانيا للتأهيل ، وانها تقوم بتمويل هذا المركز ، وان كل ذلك يتم على حساب دافع الضرائب الاردني.
وتتساءل المنشورات كيف لدولة فقيرة ان تبني مثل هذا المركز لدولة غنية بدلاً من ان يكون العكس او على الاقل ان تبنيه في بلدها.
وتستند بعض هذه البوستات الى ان مصدر معلوماتهم مقالة لشخص ألماني ورد ان اسمه كارل هانس رومنيغيه.
ولمن لا يعرف فأن هذا الشخص من اهم وأشهر لاعبي كرة القدم في ألمانيا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وانه لعب لفترة طويلة مع فريق ميونخ وحقق معه عدة بطولات منها بطولة دوري ابطال أوروبا ثم لعب مع فريق الإنتر الإيطالي. كما لعب مع المنتخب الألماني وحصل معه على المركز الثاني في بطولة العالم عام ١٩٨٢ ويبدو ان من صاغ نص البوست لم يخطر بباله من الاسماء الألمانية غير اسم هذا اللاعب المشهور . وقد تم إرفاق صورة مع هذا البوستات للمركز وقد كتب على احد واجهاته الخارجية وبالخط العريض ( QUEEN RANIA REHABIUTATION CENTAR ) وصورة أخرى لإحدى قاعات المركز وقد علقت على احدى واجهاتها صورة للملكة دانيا وصورة اخرى لجلالتها وهي تلقي كلمة في المركز. كما تضمنت البوستات عنوان المركز المذكور وكيفية الوصول اليه باستخدام المواصلات. وبالرغم من عدم منطقية ما ورد في هذه البوستات الا انها انتشرت انتشاراً واسعاً وعلى انها عنوان الحقيقة.
ولإيضاح الحقيقية فأنه يوجد في جامعة كولونيا وهي من اعرق الجامعات الاوروبية، مستشفى تعليمي تابع لها ويحتوي على تخصصات مختلفة وبسعة 1500 سرير. ومن ضمن الأقسام التابعة لهذا المستشفى مركز اعادة تأهيل الأطفال واليافعين الذين يعانون من صعوبات في التنقل والحركة. ويضم هذا المركز فريق عمل متخصص من أطباء مؤهلين ومعالجين طبيعيين ورياضيين وممرضين. ويقدم خدماته العلاجية للأطفال الألمان ولأطفال من مختلف أنحاء العالم، علماً ان ذوي الإحتياجات الخاصة في ألمانيا مشمولين بالمعالجة الطبية المجانية والالزامية بحكم القانون.
هذا وقد قررت جامعة كولونيا إطلاق اسم جلالة الملكة رانيا على هذا المركز تقديراً للجهود التي تبذلها في مجالات الطفولة والصحة والتعليم. ولهذه الغاية فقد أقيم حفل خاص لهذه الغاية في الثاني من نيسان عام 2007 اثناء زيارة قصيرة لجلالتها لالمانيا لهذه الغاية. وقد شهدت جلالتها خلال الحفل على توقيع مذكرة تفاهم ما بين مستشفى جامعة كولونيا والخدمات الطبية الملكية. وتنص هذه الاتفاقية على ان يقوم هذا المركز بتقديم برامج تدريب لأطباء ومعالجين فيزيائيين اردنيين وتشتمل هذه البرامج على تدريبات قصيرة وطويلة الأمد في هذا المركز. كما تشمل قيام معالجين فيزيائيين وأطباء من هذا المركز بزيارات للأردن لتقديم التدريب العملي للأردنيين العاملين في مركز إعادة التأهيل الطبي للأطفال في مستشفى الملكة راني للأطفال والذي كان متوقعاً افتتاحه عام 2008 . كما سيقدم هذا المركز الألماني المساعدة الفنية والاستشارية في التخطيط والتدريب والإدارة لعيادات المركز الاردني.
قد وقع على هذه الإتفاقية من الجانب الاردني العميد الدكتور هاني ذخر الدين شوكه أخصائي جراحة العظام والمفاصل في مركز فرح في المدينة الطبية أنذاك . ووقعها عن الجانب الألماني رئيس جامعة كولونيا اكسل فريموث .
وقد أعربت جلالتها عن سعادتها لتوقيع هذه المذكرة ودعت الى تبادل الخبرات بين الجانبين والتعاون في تدريب الأطباء والمعالجين . وبعد توقيع الأتفاقية تجولت جلالتها في أقسام المركز يرافقها وزير الدولة الألماني كراستين بينك ورئيس بلدية كولونيا فريتز شرما ، ومدير مركز اعادة التأهيل الدكتور أيكارد شناو بالإضافة الى رئيس جامعة كولونيا البروفسور اكسل فريموث وعدد من المسؤولين في الجامعة وتفقدت عدداً من الأطفال الذين يحصلون على علاج في هذا المركز.
وهذه هي علاقتة الملكة رانيا بهذا المركز وتلك هي حقيقة هذا المركز والذي تعود ملكيته لجامعة كولونيا وكان قد بني على نفقتها وليس كما ورد في هذا البوستات التي استحضرت اليوم هذه الحادثة والتي تعود لعام 2007 ، لتدعي كذباً ان جلالة الملكة قامت ببناء هذا المركز وتقوم بالإنفاق عليه من اموال الأردنيين في حين ان هذا المركز هو الذي يقدم خدمات جمى للأردن بموجب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين ، مما يشير الى ان الذين قاموا بنشر هذا البوست يهدفون الى اثارة الرأي العام ليس على جلالة الملكة بحد ذاتها بل على النظام في الاْردن بشكل عام ، وعلى امل ان يتم إشعال الشارع الاردني كما هو مشتعل في بعض دول الجوار . لكن خاب فألهم فأن الاْردن سيبقى عصياً عليهم بفضل فطنة ووعي شعبه وحكمة وانسانية نظامه.