السابعة صباحا وقد أعدت ربة البيت افطارك ، الزيت والزعتر والجبن البلدي ورائحة الخبز وكوب الشاي وما أنعم الله عليك من أسرة تبتسم صباحا ، مطمئن أفرادها إلى أمنهم المعيشي والمجتمعي .. وقبل أن تمتد يدك إلى قطعة خبز أو رشفة شاي لم يخطر ببالك أن أطفالا صغارا حرموا مما بين يديك بظلمك لمعيلهم ، وأن أخرين ينهش قلوبهم القلق مما ستفعل والحقد على ما فعلت ، ولم يخطر ببالك أن الله يراك مزهوا برتبتك مغرورا بسطوتك ولكنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا ..
أيها السيد المبجل مؤقتا لقد سبقك قول الشاعر ( لكل شيء اذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان ) فاغمض عينيك وأمنح ضميرك أجازة طويلة مدفوعة الراتب ولكنك ستستيقظ فجأة مثل نائم أفزعه كابوس مرعب فطفق يبحث عن شربة ماء تهدئ من روعه فلم يجدها ،، نادى وتمتم باسم الله الرحمن الرحيم ، هاقد تذكرت اخيرا أن الله رحمن رحيم ولكنك نسيت أن الظلم ظلمات وأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وان الحقيقة انك ظلمت نفسك واهل بيتك فحين تدب الاوجاع في جسدك أو جسد أحد من أهل بيتك وتراك تركض من طبيب إلى طبيب لن يخطر ببالك أن الداء كان من ظلمك وأن الدواء والشفاء كان في عدلك  المفقود بين الغرور وسطوة السلطة والجهل بتصاريف الحياة وتجارب السابقين ..
أحسب أني اراك قريبا وقد زالت الغشاوة عن عينيك فإذا بك سيرة للشامتين  وسخرية للمنافقين الذين كانوا ببابك يزينون ماتوسوس به الشياطين ،، .
لم يعد للزيت والزعتر والجبن ورغيف الخبز الساخن نفس الطعم ونفس التوقيت فقد خرج الأبناء إلى أعمالهم مبكرين وبقيت وحدك مع هاتف صمت بعد أن كان ثرثارا .
بقيت وحدك هدفا لنظرات مشفقة تختلسها شريكة حياتك وهي تلقي على مسامعك عبارات مجاملة متكلفة أو مقترحات سخيفة لاشغالك عن الغضب المتفجر نحو الذين أستغنوا عن عبقريتك الفذة في الظلم والتجبر فأصبح الوطن في خطر داهم ،، فيهمس شيطانك في أذنيك انتظر سيندمون وسيتوسلون اليك النصح من خبراتك وحكمتك وستصحو قريبا على هاتف يستعجلك الحضور إلى ...... وستلقن الشامتين درسا مؤلما يكون عبرة لأمثالهم من الاغبياء الذين لا يعرفون الرجال أمثالك ... أنه شيطانك الذي يريد أن يبقيك سادرا في غيك وغرورك ..
أيها السيد المبجل افتح عينيك الان قبل فوات الآوان وتذكر قول الله تعالى ( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ) .
، وقديما قال أحد الصحابة ( اني لأستحي أن اظلم من لا يجد علي ناصر إلا الله ) .
أيها الظالم المؤقت لا اخاف عليك من دعوة المظلوم وانما أخاف على أبنائك أن يصيبهم من دعوة المظلوم ما سيبكيك كثيرا ..