لا يمكن تجاهل حالة القلق التي بدأت تتسع حلقاتها في بعض الاوساط من شكل التغيير المعد للمشهد السياسي بعد القرار الشعبوي بحل مجلس النواب الاردني ..
ولا يمكن ايضا ان يترك وضع صيغة قانون الانتخابات "المؤقت" بيد مجموعة من الاشخاص لينزل على الناس كالصاعقة وكأنه قضاء وقدر لا نملك فيه امرا .. صحيح ان مشاركة الجميع في صياغة ملامح القانون غير ممكنة ولكن على الاقل لا بد من فتح حوار واسع حول مواده وبنوده والاستماع لاراء الناس وتصوراتهم وحتى هواجسهم وتخوفاتهم وذلك لنصل الى صيغة مناسبة على مقاسنا نحن... صيغة تراعي خصوصيتنا وظروفنا السياسية ومكونات مجتمعنا لا بل تحافظ على هويتنا الوطنية بيضاء من غير سوء ..
التوظيف السياسي لازمة الثقة بين الشعب ومجلس نوابه اخذ ابعادا خطيرة هذه المرة ...وكان موضوع "غياب العدالة والمساواة " من ابرز العناوين التي ترفع في اي سجال على هذا الصعيد .. وهنا لا بد ان نعيد الى الاذهان حقيقة ان المساواة ليست قيمة مطلقة وكذلك العدالة ..فما نعتبره نحن مثلا عدالة ومساواة قد لا يراه غيرنا كذلك ..فالامور لا تستقيم لمجرد تصوير البعض للامر بانه سعي لاحداث اصلاحات سياسية تكفل المزيد من العدالة والمساواة بين مختلف شرائح المجتمع الاردني .... فالمسألة تتعدى بابعادها السياسية والاجتماعية والوجودية هذا المنطق الذي يراد منه ان يؤسس لمعادلة جديدة لا نقبلها ولا يقبلها منطق الاشياء ..
هناك من باشر بوضع قوالب جاهزة واحكام قيمية على الحالة برمتها اذا لم تلتزم الحكومة بتصوراته للاصلاح السياسي ..فشرع البعض للترويج لقانون انتخاب يعتمد على نظام مختلط يجمع بين القوائم النسبية -الحزبية وبين نظام الدوائر بنسب ترك لصانع القرار هامشا معقولا في تحديدها وذلك في اطار اشتراطات اقلها اعادة توزيع المقاعد على نحو يحقق "العدالة وليس المساواة على مبدأ التدرج في معالجة الاختلال" على حد قوله ... الى ان وصل الى تشكيل مفوضية عليا مستقلة للانتخابات وفتح الباب على مصرعيه لمختلف اشكال الرقابة المحلية والعربية والدولية عليها.
لا يوجد للاصلاح السياسي وصفات جاهزة صالحة لكل زمان ومكان فلا بد ان ينسجم الاصلاح المنشود ويتواءم مع ثقافة المجتمع السياسية وبنيته الفكرية والعقائدية ومنظومته القيمية والاخلاقية الى جانب تركيبته الديمغرافية في حالات خاصة ..وعليه كيف ندعو في الاردن لتطبيق القوائم النسبية – الحزبية مثلا ونحن ما زلنا نصارع خوفنا وطمعنا للخروج باحزاب برامجية تلاقي اقبالا جماهيريا وامتدادا شعبيا واسعا ...اين هي الاحزاب القادرة على خوض الانتخابات وفق نظام القوائم النسبية ايها السادة ..
ثم ماذا عن موضوع اعادة توزيع المقاعد الانتخابية كيف سيتم ذلك دون المساس بتركيبة مجلس النواب وهويته ..الا يعتبر ذلك خروجا عن التفاهمات الضمنية بين الاردنيين انفسهم وبينهم وبين حكومتهم ..
هذه ليست الدعوة الاولى ولن تكون الاخيرة لتغيير المعادلة على مبدأ المحاصصة الاقليمية تنفيذا لاجندات خارجية .. فهؤلاء لن ييأسوا من الضرب على الوتر الحساس ..