إنقاذ مؤسسات وليس إجراء انتخابات
سميح المعايطة
26-11-2009 06:15 AM
الهدف الكبير الذي حددته الرسالة الملكية للحكومة ونفهمه من قرار حل مجلس النواب وإجراء الانتخابات، وهو الهدف الحقيقي الذي يجب ان نسعى اليه جميعا هو استعادة المكانة الدستوية لمؤسسة مجلس النواب، وإعادتها إلى وزنها الحقيقي سياسيا وشعبيا، لان المشكلة ليست في الأشخاص بل في صورة مهشمة لمؤسسة مجلس النواب عملت مجالس وحكومات وممارسات أفراد وإدارات سلبية لعمليات الانتخابات في ان يتحول المجلس الى عبء على الدولة والناس وليس تلك المؤسسة الدستورية المفصلية.
ليس المطلوب أن يرحل المجلس الحالي لنأتي بمثله بذات المواصفات، بل ان نعمل على إزالة تلك القناعة السلبية لدى الناس بأن وجود المجلس وغيابه سيان، ويجب ان تكون الانتخابات المقبلة مناسبة كبرى لإقناع الناس بأن المجلس مؤسسة مهمة وليس صندوق انتخابات شكليا أو أفرادا يطلبون وتستجيب الحكومات لهم في البحث عن امتيازات. المهمة صعبة لكننا لا نملك خيارا إلا ان نعمل على استعادة دور ومكانة هذه المؤسسة.
وأي حكومة تجيء بعد الانتخابات المقبلة عليها أن تدرك ان إقناع الناس بأن الانتخابات ستكون نزيهة أمر ليس سهلا، لأن في الذاكرة صورة سلبية عما جرى في الانتخابات البلدية والنيابية الاخيرة، ولن يكون كافيا إصدار تصريحات إعلامية لأن الأردني كان يسمع شعرا من المسؤولين عن النزاهة لكنه وجد غير ذلك، ولهذا فالأمر يحتاج الى ممارسة حازمة لكنها سهلة فالمطلوب تطبيق القانون على الجميع وضمان سلامة الإجراءات وقطع الطريق على كل تجاوز مهما كان صغيرا أو كبيرا.
وما دمنا في سياق إعادة البناء فإن البلديات تحتاج الى خطوات جريئة لأنها كانت من ضحايا الإدارة السياسية الرديئة ودفعت ثمنا باهظا نتيجة عبث سياسي، كما أن تلك الادارة السياسية تركت آثارا سلبية على علاقة فئات من الأردنيين مع دولتهم ولم تكن تلك فئات سياسية بل قوى اجتماعية وعشائر وعائلات.
وما دمنا في سياق تطبيق اللامركزية فإن إجراء تعديلات على قانون البلديات ضرورة وبخاصة فيما يتعلق بمراجعة أجزاء من الدمج. والهدف أن نبني المؤسسات الممثلة للناس من مجلس نواب وبلديات ومجالس المحافظات على أسس سليمة تعيد الثقة للناس وتمثل خطوات جادة نحو الإصلاح.
معظم مشكلاتنا السياسية ناتجة عن إدارة غير موفقة لمراحلنا السياسية، وأحيانا نحاول إطفاء بعض المخاوف بطريقة غير ذكية وتترك آثارا عكسية، وأحيانا يسخر بعضهم مصالح الدولة لصناعة نفوذه الشخصي أو بناء شبكة أتباع له لكن الفاتورة تدفعها الدولة ومؤسساتها وعلاقة الأردني مع دولته.
ما جرى يجب أن لايكون حلا لمجلس النواب بل إعادة بناء مؤسسات لاغنى عنها، ونتمنىأن تكون الحكومة قادرة على إنجاز هذه المهمة الوطنية الكبرى، لأن الفشل لا سمح الله ثمنه كبير وربما لا يمكن استدراكه.
sameeh.almaitah@alghad.jo
الغد