تعد المرأة العربية العمود الرئيس الذي يرتكز عليه الأوطان ، و هذا الأمر يشهد له التاريخ و المواقف التاريخية التي حفرت على جدران الزمن و لم تندثر ، إذ كان لها أدوارا مهمة و رئيسية في الحياة السياسية و الإجتماعية و الثقافية، وكانت أساسا في بناء الثقافة و التعليم ، فأول من أمر بإنشاء أول جامعة في التاريخ هي "فاطمة الفهرية " و كانت جامعة القرويين في المغرب والتي خرجت أبرز العلماء على مر التاريخ ومنهم العالم ابن خلدون.
لم تكن المرأة العربية في الحروب منذ القدم بمعزل عن الرجل فكانت معه مناضلة و ممرضة و إنسانة، وسجلت أعظم المواقف الإنسانية و النضالية، و لم تحيد عن دورها السياسي بل كان لها في كل موقف بصمة حكيمة و حقيقية.
إن المرأة من وجهة نظر الدين الإسلامي مكرمة و لم ينظر لها نظرة الدون ، و لم يقلل من قيمتها فلا يوجد خط فكري قراني يفضل الرجل عن المرأة ، أو يمتهن من حقوقها ، أو ينكر دورها السياسي و الإجتماعي و الثقافي ، والدلائل التاريخية كثيرة كمبايعة النساء للرسول صل الله عليه وسلم عند فتح مكة المكرمة و كدور المرأة في قيادة الجيوش مع الرجل و تخطيطها معه و غيرها.
و بقيت المراة العربية لليوم تترك أثرا كبيرا في انتزاع حقوق الأمة و استعادة كرامة الشعوب ، فالشعوب الثائرة و التي ثارت على أعداء الأمة العربية كانت المرأة أساس اشتعال هذه الثورات للوصول للمبتغى ، و المرأة الفلسطينية و السورية و الجزائرية و اللبنانية وغيرهن سجلن مواقفا تاريخية لإحياء الكرامة العربية و مساندة الرجل في الحفاظ على
الأرض والعرض والشرف ضد بائعي الأوطان و الفاسدين و الغرباء الذين نهبوا الأرض ومن و ما فيها.
فسجلت اللبنانية سناء المحيدلي في التاريخ العالمي كأول انتحارية في العالم حينما نفذت عملية انتحارية في جنوب لبنان في الثمانينات عندما كان محتل من الكيان الصهيوني و اسفر عن العملية مقتل جنود اسرائيليين ، و أيضا جميلة بوحيرد المناضلة الجزائرية التي ناضلت ضد الفرنسيين و التي تلقت أشد أنواع العذاب من الإحتلال الفرنسي للجزائر آنذاك وحكمت بالإعدام و السجن المؤبد حتى خرجت من سجون العذاب بعد استقلال الجزائر و مازال الجزائريون للآن يذكرون تلك المرأة التي لم تخف من مغتصب و لم تهادن ضد الوطن.
فا للمرأة العربية و قع إيجابي شديد على أرض العروبة، فقرأنا في كتب التاريخ عنها و رأينا في مسلسلات و أفلام كثيرة كيف تتعامل مع الوطن سندا للرجل العربي ، و كيف تجد من نفسها مسؤولة عن وطن احتواها فكان طبيبها و حبيبها. و في الثورات الحديثة أيضا سجلت المرأة العربية أروع المواقف النضالية ، فكتبت المقالات و الكلمات و عبرت بالجمل الرافضة لكل انواع الظلم ، ونزلت إلى الشوارع و الأزقة و الأحياء و هتفت ضد الإستبداد، و جلست و سهرت بجانب الرجل ، و تركت منازلها و لم تسمح أن يكون الوطن تائها و هي عموده الرئيسي فإن انكسرت أصيب بالشلل.
مع كل ذلك فإن المرأة الآن في عصر الحداثة تتعرض لتنمر مجتمعي مخالف تماما للأديان ، فخلط مفاهيم دخيلة جعلت الرغبات و الأفكار و الرؤى الشخصية دستورا ، فلم تعد المجتمعات تميز بين الدين الذي كرم المرأة و أعطاها حقوقها و لم يميز الرجل عنها عن تراكمات تاريخية دخيلة شوشت معناها و دورها ، و سلبتها حقوقها و كأنها قطعة أثاث للزينة فقط ، فظلمتها اجتماعيا بأسلوب تفكير مدمر ، و بتعامل لا يقدر معناها و يقلل من قيمتها الإنسانية، فهذا أفقدها ثقتها بنفسها اجتماعيا و أشعرها أنها محاطة بكيل من اتهامات اجتماعية مهما كان نوعها.
ستبقى المرأة العربية رمزا للنضال العربي و المقاومة ضد الظلم و الإستبداد و الفساد ، تحية لكل عربية في كل بقاع الأرض.