* ما بين استحقاق لتحسين الأداء وتوزير أشخاص جدد وإطالة عمر الحكومة
ما إن انتهى إضراب المعلمين في الخامس من الشهر الحالي حتى بدأ تسريب أخبار مفادها بأن دولة رئيس الوزراء يستعد لإجراء التعديل الوزاري الخامس على حكومته التي لم يمضِ عليها عام ونصف بعد، وأن ملامح التعديل جاهزة، بينما انتشر خبر على أحد المواقع الإلكترونية قبل عشرة أيام مفاده أن دولة رئيس الوزراء "يطبخ" تعديله الوزاري على نار هادئة وأن موعد التعديل ربما يمتد إلى ما بعد انعقاد الدورة العادية لمجلس الأمة بقليل؛ أي إلى ما بعد العاشر من تشرين الثاني المقبل.
وهنا يتبادر إلى الأذهان العديد من الأسئلة حول الحاجة الفعلية لهذا التعديل وأهدافه وتوقيته. فهل فعلاً هناك حاجة لإجراء التعديل الخامس على حكومة عمرها أقل من عام ونصف العام؟ وهل هذا التعديل هو البديل الأنسب لرحيل الحكومة برمتها؟ وإذا كان بالفعل هناك حاجة ملحة لهذا التعديل وضرورة لرحيل بعض الوزراء _قُدر عددهم ما بين 5-6 وزراء كما حُددت أسماؤهم_ فلم هذا التأخير كله الذي قد يمتد حسب التسريبات لما يزيد عن 35-40 يوماً؟ وكيف لنا أن نضمن منهجية وصواب ما يُتخذ من قرارات خلال هذه الفترة من قبل وزراء أصبح لديهم أخبار مؤكدة إلى حدٍ ما برحيلهم عن الحكومة؟ الأجدر بدولة الرئيس إجراء التعديل _إن كان الحل في التعديل_ حال اكتشاف الخلل أو عدم الانسجام بين أعضاء الفريق الوزاري لا أن يؤجل ذلك لمدة تزيد عن الشهر؛ فلا مصلحة في التأجيل أو التردد في اتخاذ القرار المناسب.
ويا ترى ما هي مواصفات من سنراهم في التعديل المرتقب؟ هل سنرى وزراء يختلفون تماماً عمن وقع عليهم الخيار بضرورة الرحيل؟ وهل سيكونون أكثر عطاءً وإنجازاً وانسجاماً مع باقي أعضاء الفريق الوزاري؟ وهل سنرى تحسناً ملحوظاً في أداء الحكومة وحلولاً جذرية لما يعانيه الوطن من مشاكل أرهقت الوطن والمواطن على حدٍ سواء؟ وهل سيتوقف إزدياد الدين العام؟ وهل سنرى وجوهاً جديدة في هذا التعديل؟ وإن كان هناك بالفعل وجوهاً جديدة فهل سيكون الاختلاف بينهم وبين من سيرحلون في الأسماء فقط أم في منهجية العمل والفكر والأداء والقدرة على التفكير وإتخاذ القرارات التي من شأنها تحسين مستوى الحياة وحل مشكلاتها؟ وما أبرز ملامح هذا التعديل المرتقب التي ستميزه عن التعديلات الأربعة السابقة؟
والسؤال الأهم ألا يُعد دولة رئيس الوزراء هو المسؤول الأول والأخير عن تشكلية أعضاء فريقه الوزاري وعن نجاحهم في أداء ما يوكل إليهم من مسؤوليات بكل أمانة واقتدار بصفته صاحب الولاية العامة والشخص الذي قام باختيار الفريق الوزاري؟
لذا؛ فلمَ لا يتحمل دولة الرئيس المسؤولية الأدبية عن اختياره لطاقمه الوزاري ويرحل مع فريقه؟ وخصوصاً بعد استقالة وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، فهل يُعقل أن يُكلف وزيران بيوم واحد لوزارتين من أهم الوزارات؟ ألم يكن يعلم دولة الرئيس بموعد زفاف وسفر وزير الدولة للشؤون القانونية قبل تكليفه بالوزارتين ليعود ويكلف وزير العدل بذلك في اليوم التالي؟ وهل لوزير واحد غير مختص بمجال التعليم أن يُدير وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي معاً بالإضافة لوزارة ثالثة بعيدة كل البعد عنهما وفي ظل عدم وجود أمناء عامين رسميين لوزارة التربية والتعليم؟؛ إذ إن الأمينين العامين المعينين حالياً بالتكليف فضلاً عن إدارة بعض الإدارات في الوزارة بالتكليف أيضاً. ألهذا الحد بلغ الاستهتار بوزارة التربية والتعليم؟ ولم يحدث كل هذا؟ ألم يبق لدينا كفاءات مناسبة لتبوأ مواقع المسؤولية في وزارة التربية والتعليم؟
فمن _وجهة نظري المتواضعة_ أرى أن رحيل الحكومة بات خياراً أولى من إجراء تعديل خامس عليها خلال وقت قصير نسبياً؛ وذلك _على الأقل_ حتى لا يُفهم أن هذا التعديل يهدف إلى إطالة عمر الحكومة أو توزير أشخاص جدد أو كليهما معاً. فمن خلال التعديلات الأربعة السابقة لم نرَ تحسناً ملحوظاً ولا حلولاً لما نعانيه من أزمات ومشكلات، بل على العكس من ذلك فالأزمات بازدياد والدين العام بإزديادٍ متسارعٍ فضلاً عن أن عدد من يتقاضون رواتب وزراء متقاعدين بإزديادٍ أيضاً.
وإن كان لا بد من إجراء هذا التعديل باعتباره وصفةً سحرية أو من باب أن آخر العلاج الكي فنرجو أن يكون اختيار أسماء الوزراء الذين سيدخلون الحكومة بعناية فائقة وممن لديهم القدرة على التفكير خارج الصندوق، ويا حبذا لو تجنب دولة الرئيس توزير وزراء جدد، فالموازنة لا تحتمل أية أعباء مالية جديدة، خصوصاً أننا لم نعُد نرى فرقاً سوى في الأسماء، أما المنهجية والأداء فهما سواء.