رمزي الغزوي يكتب ل "عمون" .. كي لا نعود ونحصد (عقيرا)
26-11-2009 12:43 AM
لماذا تساقطت الرسائل القصيرة في هواتفنا كزخة مطر تجئنا على عطش، وتبشرنا أن عيدنا صار عيدين، وسعدنا سعدين وأكثر، وأن الحيطة الثقيلة الرابضة على صدورنا طارت بغمضة عين؟!. لماذا تراقص رشق الفرح في عيون الناس وأمانيهم، لحظة حل مجلسهم النيابي الخامس عشر؟!. ألم يكن هذا المجلس ابناً شرعيا لخياراتنا الانتخابية، ألم يكن صدى صادقاً لأصواتنا ونتيجة حقيقية لسعينا؟!، أم أنه جاءنا من جزر الواق واق، أو من (طرمزعيا) التي لا أعرف مكانها.
حسب مقاييس الفرح المبثوثة بالناس نستطيع أن نعد خطوة الملك مكرمة ملكية فضلى وكبرى وحكيمة على وجه العيد. ونستطيع أن نعدها تنفيساً جاء في أوانه عن ما يعتلج في صدورنا عن مجلس نيابي أقل ما نستطيع أن نقول أنه خذلنا وخذلنا وخذلنا. لكن هذا المكرمة الملكية ليست في الوقت نفسه سوى رسالة ذكية لنا كمواطنين، رسالة تحتاج إلى وقفة صادقة مع الذات، كي نستعيد صوابنا المسلوب، ونعيد البصر كرتين وأكثر. لنقول: هل كان المجلس المنحل يمثلنا نحن. هل كان يمثل أحلامنا وطموحاتنا وأمانينا، أم أنه صورة صادقة عما يدور في مجتمعنا من إرهاصات؟!.
وعلى غير عادتي لا أتفاءل كثيراً بأننا قادرون على إخراج مجلس أفضل من هذا المنحل، بل ربما سيكون أسوأ منه، وأكثر أنانية، وأكثر بحثا عن مصالحه الشخصية، وأكثر تطبيقا لحيثية أن النيابة في بلدنا ليست إلا جمعة مشمشيةـ وعلى النائب أن يستغل كل ثانية من عمره النيابي القصير في جني منافع ضيقة لنفسه ولمن حوله. لست متفائلاً. فإذا ظل المكيال هو المكيال، فلا بد أن يكون الكيل هو الكيل، بمعنى إذا بقي قانون الصوت الواحد هو المعتمد والمهيمن على الاقتراع، فلا تغيير سيطرأ؛ بل سنعود وكأننا نحصد العقير (السنابل المتروكة لضعفها وقلة حيلها).
في كثير من الأحيان الناس تعرف خطأها، ولكن؛ ولأننا نمتلك ذاكرة قصيرة الأمد مثقوبة ومشروخة سريعة العطب، فما أسرع ما ننسى، وما أسرع ما تعود حليمة لعادتها القديمة، وسنرتد أكثر تماسكا بالقوانين الاجتماعية التي تحكم فلسفتنا الانتخابية وأبرزها(عد رجالك ورد الماء). ولا أستبعد أن الكثير من نواب هذا المجلس سيكونون أعضاء في المجلس المرتقب.
ولهذا، فإن قانون انتخاب مؤقت عصري مدروس وحكيم هو في حكم ضرورة ملحة ليخرجنا من مأزقنا هذا، وإلا سنعود مرة أخرى ونحصد عقيراً.
ramzi972@hotmail.com