ما بعد حل النواب .. اسئلة سرية واجابات علنية!
ماهر ابو طير
25-11-2009 07:13 AM
حتى السماء امطرت ، وكأنها تقول ان مجلس النواب غير المأسوف على شبابه ، كان حملا ثقيلا على صدور الاردنيين ، الذين ابتهجوا بالقرار ليس لانهم ضد المؤسسة البرلمانية ، ولكن لانهم ضد ما فعله كثيرون بهذه المؤسسة ، وبالوكالات "القابلة للعزل" التي حصل عليها النواب من شعبهم.
أسأل من يعلم عن اسرار الخطوة وتوقيتها ، فيقال ان الخطوة طبيعية ، وانها لو تمت قبل ستة شهور فان السؤال سيتم طرحه بذات الصيغة ، ولو جرت بعد عام فان السؤال سوف يتكرر. ماهم مُهم اليوم ليس حل مجلس النواب. بل الانتخابات المقبلة التي يريدها الملك ضمن شروط محددة تضمنتها رسالته الى رئيس الحكومة ، اي ان تكون شفافة وعادلة وصورتها مشرقة. المؤسسة البرلمانية ليست هي المقصودة من الحل ، وما هو مقصود هو الانتخابات الجديدة التي تُفرز مُمثلين على مستوى عال. هذا دور الناس اليوم الذين شكوا من اداء النواب وعليهم ان ينتخبوا شخصيات وممثلين على قدر عال من المستوى. الارتياح الشعب العارم تجاه الحل يجب ان نُحوله الى خيارات رفيعة المستوى في صناديق الاقتراع ، بدلا من ان نعود الى ذات الطريقة والاسماء.
هل يأتي الحل والدعوة لانتخابات جديدة ، كقرار اصلاحي منفصل ومعزول عن بقية المشهد ، ام انه ضمن حزمة قرارات واصلاحات سياسية اخرى؟. يجيب من سألته.. بأن كلام الملك حول الاصلاح كان واضحا في رسالته الى رئيس الحكومة. الاصلاح السياسي موجود وتم انجاز بعض الملفات فيه ، والملك المح الى المراجعة الشاملة في حديثه الى الجيش قبيل شهور. الاصلاح على جبهات مختلفة وارد لكنه يخضع لمعايير مختلفة وفقا لكل حالة. المهم ان نبدأ وان نواصل ، وان لا نشترط مُسبقا ان تكون هناك حزمة "اصلاحات" والا فلا اصلاحات. الجواب يحمل الماحا الى ان الاصلاح يبدأ بمجلس النواب ، وان ما بعد النواب ، تأتي بقية الحلقات ، وهو استنتاج من وحي الكلام.
رسالة الملك الى رئيس الحكومة جاءت للرد على قضايا محددة وللتوضيح. فالحكومة سترد في فترة مابعد العيد بأسابيع حول قانون الانتخابات المُعدل وحول بقية الاجراءات ، وهي ستقول بشكل واضح كم تحتاج من وقت لتُنفذ الانتخابات. معنى الكلام لا يحمل التهرب من استحقاق الانتخابات. لكنه لا يضع سقفا زمنيا نهائيا يمكن افتراضه. مجلس الاعيان مدته تنتهي نهاية الشهر الحالي. وما هو مؤكد انه لن يكون هناك فراغ دستوري. فهمت الكلام في هذا الصدد بأنه يعني ان مجلس الاعيان باق ، وسيتم التجديد له ، دون ان يعني ذلك انه لن تكون هناك مفاجآت معينة على مستويات محددة،.
من سألته ينفي الكلام الذي يتم تناقله حول ان حل مجلس النواب واجراء انتخابات مقبلة له علاقة بالقضية الفلسطينية ، او العملية السلمية. ليس من المنطقي كلما اتخذ الاردن خطوة داخلية يتم اعرابها على اساس الوضع الاقليمي. وان كان الوضع الداخلي يتأثر بالاقليم. الخطوة "اردنية" في معناها ، وليس لها ظلال تتعلق لا بالحل النهائي ولا بعملية السلام ، والكلام واضح جدا ، وليست موجهه بهدف انقلابات ديموغرافية. القانون الجديد لن يكون انقلابيا بمعنى ادق ، بل سيخضع لقاعدة جديدة تسمى المعيار السياسي.
يُلمح من يُجيب الى ما اسماه "المعايير السياسية" للانتخابات وهو مصطلح نسمعه لاول مرة ، والمقصود بالمصطلح المعيار الذي يحكم جودة نتائج الانتخابات على مستوى الافراد والاداء. هذا اهم ما نحتاجه اليوم. وجود معايير وليس مجرد نصوص قانونية لها علاقة بعمر المرشح او الناخب. سمعت من كثيرين في البلد بالمناسبة اراء تقول انه يتوجب وضع شروط جديدة في الانتخابات النيابية كعدم السماح للنائب بالترشح اكثر من مرتين ، ويطالب اخرون بمستوى تعليمي محدد ، وهناك اراء كثيرة يتناقلها الناس. ما يقصده الناس هنا ذات فكرة "المعيار السياسي" ، لكن دون ضمانة بتطابق "المعيار الشعبي" المقترح مع "المعيار الرسمي" الذي له حساباته ، والمؤكد اننا سنفهم من نصوص القانون المعدل ما يشي بمعايير للجودة السياسية ، كما ان تجريم المال السياسي ، والقضايا الاخرى امر يجب تعظيمه. دورنا جميعا اليوم الدخول كشركاء في التحريض على "معايير سياسية" مستمدة من شرعيات قانونية ونصوص ، تجعل ليس كل مُرشح صالحا للترشح الفعلي ، من اجل ضمان نتائج حسنة تليق بهذا الشعب.
علينا ان لا نقف عند مغزى حل مجلس النواب ، فهذا حق من حقوق الملك ، وعلينا ان نقف فقط عند مغزى الدعوة لانتخابات جديدة ، وما تعنيه هذه الدعوة ، وخطوة الحل اراحت الشعب ورفعت عن صدره حملا ثقيلا ، والاهم ان يُثبت هذا الشعب انه لن يدفع بخيارات يندم عليها لاحقا ، عند اجراء اي انتخابات ، ورسالة الملك للرئيس والتي اتسمت بالاختصار والتكثيف جاءت لتحدد شروط الانتخابات ، ولتقول ايضا ان ذات الحكومة ستقدم قانونا معدلا للانتخابات ، ليبقى موعدها "سرا" في علم الغيب بالنسبة لي ولكثيرين.
اختيار الاردني لنائبه ، لم يكن يعني ان يعتلي النائب سرج المواطن ، ويثبت دوما ان هناك من يعرف نبض الشعب والشارع ، وان الصبر كان يخفي خلفه كثيرا من الغضب.
mtair@addustour. com. jo
الدستور