لم يسبق لي ان قمت بمحاولة جادة في الكتابة في اي موضوع كان ... اللهم الا بضع خواطر لا ترتقي بالوصف الى مقال ذا مغزًىً معين .....دأبتُ منذ بضع سنين خلت وبالتحديد منذ الحادي والثلاثين من آذار لعام ٢٠١٦ ، أي منذ استشهاد فلذة كبدي الرائد الطيار معاذ بني فارس محاولة الكتابه للتعبير عن الألم والحزن والمراره التي تعتصر والدٍ مكلومٍ مثلي.
من خلال محاولاتي تلك، ادركت ان الكتابه هي وليدة تجربة ...وهذا يؤكد ما تعلمناه في المدارس والجامعات
كنت في السابق عندما يكون عندي متسع من الوقت اقراء الروايات العالمية وكتب التاريخ وسير العضماء ...ولكن عندما مررت بالتجربة الاليمه راق لي باب المراثي في الأدب العربي ووجدت فيه راحتي ، فاخذت أنقب في بطون الكتب واقتبس احيانا واكتب ، وأصبح قلمي لا يعرف الا للحزن مدادا.
اصبحتُ أتألم كثيرا عندما اسمع عن وفاة شابٍ ، أتقمص شخص اباه وكأني في قلبه الحزين المكسور .... فيتجدد حزني وكأن معاذ استشهد للتو .
كم هي معقدة تلك النفس البشريه... لا تستقيم على حال !!!
عندما استشهد البطل معاذ الكساسبه رحمه الله اتصل بي ولدي المرحوم معاذ باكيا ليخبرني بهذا النبأ الأليم وقال لي : "استشهد زميلي وصديقي معاذ "
عقدت العزم حينذاك ان اذهب انا ومعاذ ولدي يوما لزيارة والدَيّ البطل معاذ الكساسبه ولأقول لهم ( ذهب الطيار معاذ وهذا معاذي طيار كذلك هو ابنكم وسيزوركم دوما لتشْتَمًون فيه رائحة معاذكم ) ... لكن لم يشأ الله ان تتم هذه الزيارة اذ عاجل معاذي الأجل
وعندما استشهد الرائد معاذ الدماني الحويطات رحمه الله كتبت أقول ...." الله الله يا الأقدار ، وكأن الله سبحانه وتعالى ربط اسم معاذ بالشرف والرجوله .... ثلاثة شهداء من وطني في مدى عامين ... معاذ الكساسبه .. معاذ الدماني ... ومعاذ بني فارس "
وكتبت ارثي بطل القلعه الشهيد سائد المعايطه واقتطف ..." هذا الاسم سيبقى محفورا في ذاكرة الاردنين الشرفاء.... وجل الاردنيين شرفاء ...بكاك كل بيتٍ اردني يا سائد ..لا لشبابك ووسامتك وحسب ، بل لاقدامك وشجاعتك في اقتحام اوكار المجرمين لكي تذود عن حمى الوطن وتستأصل شافة الارهاب ....اينع شيحانُ الكرك بدمائك الزكيه يا ابا كنده وتعطرت قلعتها باريج عطرك ".... وفي موقع اخر من المقال قلت .."سلام على روحك الطاهره ساعة ان خرجت من عمان ملبيا نداء الواجب .. وسلام على روحك الطاهره وانت تشق الطريق الصحراوي مستعجلا قدرك ... وسلام على روحك الطاهره وانت تزئر في في وجوه المارقين على الدين .... وسلام على روحك الطاهره يوم فاضت الى بارئها"
نشرتُ محاولاتي العديده على صفحتي بالفيس بوك وأحيانا في بعض المواقع وعلى الأخص في عمون الغرّاء ....كانت مؤثرةً عند الكثير من الاقارب والأصدقاء فنصحني البعض منهم ) وهم مخلصون في نُصحهم) ....بأن أُرفقَ بنفسي وأتوقف عن الكتابه عن معاذ رحمه الله .....لا بل هددني البعض بمقاطعة صفحتي .
الى هؤلاء الأعزاء أقول :
لا يسهر الليل الا من به الم ..
ولا تحرق النار الا رجل واطيها
وأقول ايضا هل انتم مقتنعون بأن الحزن يرحل وتنطفئ جذوته ؟؟ ....أليس الأجدرُ ان نُخرجَ ما في الصدور المكلومة حتى لا تختنق؟؟؟ ....الا يليق بشهيدٍ شابٍ ان يبقى ذكره على لسان ابناء الوطن الشرفاء ويترحمون عليه ؟؟
أين نحن من الأنبياء ؟ .... الم يحزن سيد البشريه نبينا محمد صل الله عليه وسلم ؟؟ .... اذ قال (إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ ) ......الم يبكِ سيدنا يعقوب ولده ؟؟؟ ...{ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } .. صدق الله العظيم
وبعد ،
فإنني أسال الله العلي القدير ومن كل قلبي ان لا يُري اي صديق مكروها بعزيز واطلب من احبتي ان يجدوا لي العذر في البوح عن ضجيج قلبي وحشرجات نفسي
سلام على ارواح جميع شهداء الوطن